خلالها أن نبدأ التوغل في عمق التاريخ بلا وجل، فها هو القرآن ينسف قاعدة العدالة المطلقة والقدسية لغير المعصوم، وهذه الآيات دلالتها واضحة على أن الإنسان مهما بلغ في العلم والتقوى بإمكانه في أي لحظة أن يخلد للأرض ويكفر بنعم الله تعالى وهذه نقطة مهمة إذ كثيرا ما تثار قضية عدالة الصحابة وأنهم لا يمكن أن يخونوا أمانات الله والرسول! وإذا سألتهم ما الدليل؟ قالوا: عاشوا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجاهدوا معه، ولكن القرآن الحكيم الذي فيه نبأ من كان قبلنا وفصل الذي بيننا وخبر ما بعدنا بين هذا الأمر، حتى ولو فرضنا محالا أن جميع الصحابة بلغوا مرحلة من التقوى والورع فإنه يبقى هنالك إمكان بعدم التزامهم بالحق حتى آخر نفس في حياتهم... والحال أننا لم نسمع بأن أحدهم كان يملك الاسم الأعظم!!.
يبقى الأصل القرآني " إن جميع الخلق ما عدا المعصومين معرضون للزلزلة والابتلاء ومن ثم النجاح أو الفشل فيه فالانتقال من جهة الحق إلى الباطل حتى ولو بلغوا أعلى درجة من التقوى والمقياس الحقيقي هو الاستقامة في طريق الحق والالتزام به كاملا ".
بعد هذا لا أظن أن أحدا يحتاج أن يمد عنقه قائلا بعدم إمكان تخلي بعض الصحابة عن الحق في أي لحظة من دون أن ينكر حقيقة وقاعدة قرآنية، ولكن بالإمكان السؤال عن مصداق ذلك في أمة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والتفصيل متروك لمحله.
يقول محمد علي الصابوني في تفسير آخر هذه الآية (فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) أي أقصص على أمتك ما أوحينا إليك لعلهم يتدبرون فيها ويتعظون) (1) فهلا تدبرنا واتعظنا.