البديهيات وإلا أي ضمانة يمكن لها أن تحفظ لنا ديننا وتمثل بوصلة لبيان الانحراف الذي ربما يحدث بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما حدث في الأمم السابقة؟ من الذي تركن إليه الأمة ليواصل مسيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وكيف يتأتى للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينتقل للرفيق الأعلى دون أن يعين خليفته؟ أمن العقل أن يترك أمر الخلافة والإمامة في أيدي الناس الذين قد تتغلب عليهم شهوة السلطة والزعامة؟ ذلك لأن طبيعة البشر تهوي به إلى أسفل ولا يكفيها وجود شريعة محفوظة في الكتب، بل لا بد من تجسيد تلك الشريعة في إنسان يتمتع بتفوق تشريعي (معصوم) يعطيه صلاحية تطبيق الشريعة على الناس (منصوص عليه) إذ لا بد لكل قانون من مطبق نافذ الكلمة وإلا عاد القانون حبرا على الورق " (1).
إن الخالق الذي من أجل كمال كل مخلوق وفر له الوسائل الضرورية وغيرها كي يعبر من حدود النقص والضعف إلى منازل الكمال، كيف يمكن أن يستثني من ذلك القيادة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي تعتبر عاملا مهما لرقي الإنسان معنويا وروحيا.
والتعيين أمر تنبه له أبو بكر عندما كتب وصيته التي نصب فيها عمر خليفة من بعده وأمر الناس بالسمع والطاعة له... ومع أنه كان على فراش الموت عند كتابته لذلك إلا أن عمر كان حريصا على تنفيذ الوصية في حين أنه كان المعترض الأول على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أراد كتابة وصيته وهو مريض وقال " إنه يهجر " ويقول أمير المؤمنين علي (ع) في شأن تعيين أبي بكر لعمر " فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا ضرعيها ".
كما أن عائشة أقرت بضرورة التعيين عندما ضرب عمر وبقي على الفراش ينتظر الأجل المحتوم إذ أرسلت إليه أن أوص من يخلفك ولا تترك أمة محمد بعدك هملا.