نفوسهم منه، ووافق أيام عثمان، فكانوا يظهرون الطعن في ولاته بالأمصار، والمؤاخذة لهم باللحظات والخطرات، والاستبطاء عليهم في الطاعات، والتجني بسؤال الاستبدال منهم والعزل، ويفيضون في النكير على عثمان " (71) لا وقوله: " ثم دخل عليه السفهاء فضربه أحدهم " (72).
أما ما يؤكد المسألة الثانية، فهو قوله:
" إلا عمارا فإنه استماله قوم من الأشرار، انقطعوا إليه، منهم عبد الله بن سبأ ويعرف بابن السوداء " (73).
" وكان ابن سبأ يأتيه - أي إلى أبي ذر - فيغريه بمعاوية " (74).
" وتأخر عمار ابن ياسر بمصر واستماله ابن السوداء وأصحابه " (75).
" وكان بدؤه فيما يقال شأن عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء " (76).
والمعنى الإجمالي من هذا الكلام إن ابن خلدون يريد أن يثبت عبر التلبيس والتدليس إن الثورة على عثمان كانت من وحي عبد الله بن سبأ لجماهير من الغوغاء وإنها بالنتيجة لم تكن ثورة شرعية وإنما كانت مؤامرة مدبرة وفوضى مجنونة استغل فيها المتآمرون سوقة الناس ودهمائهم، وفساق القوم وسفهائهم.
وقد سبق أن أفضنا في هذه القضية في كتاب " الانتقال " ويكفي ما ثبته العالم النحرير والمحقق الرئيس السيد مرتضى العسكري في سفره النفيس " عبد الله بن سبأ " فقد أثبت بكامل الوسع ضعف هذه الرواية التي انفرد بها سيف بن عمر التميمي والذي أخذها عنه الطبري... وندع القارئ يواجه بنفسه تفاصيل تحقيق الأستاذ الكبير.. ونتوقف نحن عند ابن جرير الطبري الذي منه أخذ ابن