الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٧٢
ذكر المسعودي: " إن معاوية كتب إلى عثمان: إن أبا ذر تجتمع إليه الجموع، ولا آمن أن يفسدهم عليك، فإن كان لك في القوم حاجة فاحمله إليك، فكتب إليه عثمان بحمله، فحمله على بعير عليه قتب يابس معه خمسة من الصقالبة يطيرون به، حتى أتوا به المدينة وقد تسلخت بواطن أفخاذه وكاد أن يتلف، فقيل له: إنك تموت من ذلك، فقال: هيهات لن أموت حتى أنفى، وذكر جوامع ما ينزل به بعد، ومن يتولى دفنه، فأحسن إليه في داره أيام، ثم دخل إليه فجلس على ركبتيه وتكلم بأشياء.
وكان في ذلك اليوم قد أتى عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف من المال، فنثرت البدر حتى حالت بين عثمان وبين الرجل القائم، فقال عثمان: إني لأرجو لعبد الرحمن خيرا، لأنه كان يتصدق، ويقري الضيف، وترك ما ترون، فقال كعب الأحبار: صدقت يا أمير المؤمنين، فشال أبو ذر العصا، فضرب بها رأس كعب، ولم يشغله ما كان فيه من الألم وقال: يا ابن اليهودي تقول لرجل مات وترك هذا المال: إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة، وتقطع على الله بذلك، وأنا سمعت النبي (ص) يقول: " ما يسرني أن أموت وأودع ما يزن قيراطا " فقال له عثمان: وار عني وجهك، فقال: أسير إلى مكة، قال: لا والله، قال: فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت؟ قال: إي والله، قال: فإلى الشام، قال:
لا والله، فاختر غير هذه البلدان، قال: لا والله ما أختار غير ما ذكرت لك، ولو تركتني في دار الهجرة ما أردت شيئا من البلدان، فسيرني حيث شئت من البلاد، قال؟ فإني مسيرك إلى الربذة ".
أما ما ادعاه ابن خلدون من أن عثمان أعطى أبا ذر ما يكفيه من رزق، فهذا ما لا يشتد له ظهر أيضا، لما علمنا من أن أبا ذر كانت له حساسية كبيرة من المال الحرام، وأنه ما ثار إذ ثار إلا على هذا التبذير والترف، والتصرف اللامسؤول في أموال المسلمين، والثابت في الرواية هو أن أبا ذر مات هو وأبناءه من شدة الجوع، حتى أن زوجته لم تجد له كفنا، وكان بعض السيارة قد دفنوه بعد ذلك (91).
ذكر صاحب المروج: " قال عثمان: فإني مسيرك إلى الربذة، قال: الله

(91) مروج الذهب 349 ج 2.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235