الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٦٤
رفضها لغلوها في استنقاص الصحابة. هاهو الآن يحط من قدرهم. وينزل من شأنهم كأشد ما يكون من الاستنقاص وكأحط ما يكون الاستنزال. فهو يتهم صحابة من ذوي الفضل والسابقة. وممن يشهد لهم الرسول (ص) بالعظمة وعهد لهم بما سارت به الركبان وغنت به الشعراء.
هاهو يجعلهم أكثر دونية وصغارا، ويصورهم على أشكال تقع دون البله، وأقل تبصرا من الغرير، فيجعل من عمار بن ياسر ذي السابقة والبلاء ممن يستميلهم اليهودي المتزندق، ومن أبي ذر الغفاري العظيم، من يغريهم السفهاء والدخلاء بالتعرض للأمراء، وكأن ديننا ليست فيه فكرة عن مناهضة الظلم، ولا وازع لمحاربة الفساد.
وأي دين هو أحرص من ديننا في طلب الاصلاح وممارسة التغيير، وحسبك من ذلك التهافت، إن ابن خلدون ذهب إلى أن حكيم بن جبلة كان قد رفض على ابن السوداء دعوته وإخراجه من البصرة، كيف يكون حكيما أبصر بالأمور، وأكثر تمييزا لما بين الحق والباطل، ممن قام الإسلام على إخلاصهم، وماتوا على صدق في المواطن.
ثم بالله عليك، ماذا سوف يعلمهم ابن السوداء، وكيف يغري أبا ذر ويستميل عمارا؟!!.
ابن خلدون يذهب إلى أن ابن سبا أغرى أبا ذر بمعاوية، إذ قال:
" وكان ابن سبأ يأتيه فيغريه بمعاوية " (80).
" وجاء به عبادة إلى معاوية وقال: هذا الذي بعث عليك أبا ذر. " كما زعم أنه علم عمارا القول بالإمامة والرجعة.
إن هذا لعمر الله هو صميم النيل من الصحابة، وإنه لازدراء ما بعده ازدراء، فهدي محمد لم يستطع أن يوفر أدنى حصانة دينية وعلمية لعمار وهو من أعمدة الدعوة وأركانها، حتى يأتي يهودي فيستميله، كاستمالة الحدث الصغير.

(80) سبق ذكره.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235