صلاة أبي بكر ثم ثقل به الوجع وأغمي عليه، فاجتمع إليه نساؤه وبنوه وأهل بيته والعباس وعلي، ثم حضر وقت الصلاة فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة:
أنه رجل أسيف لا يستطيع أن يقوم مقامك فمر عمر، فامتنع عمر وصلى أبو بكر.
ووجد رسول الله (ص) خفة فخرج فلما أحس به أبو بكر تأخر فجذبه رسول الله (ص) وأقامه مكانه، وقرأ من حيث انتهى أبو بكر. ثم كان أبو بكر يصلي بصلاته والناس بصلاة أبي بكر، قيل صلوا كذلك سبع عشرة صلاة، وكان يدخل يده في القدح وهو في النزع فيمسح وجهه في الماء ويقول: اللهم أعني على سكرات الموت. فلما كان يوم الاثنين وهو يوم وفاته خرج إلى صلاة الصبح عاصبا رأسه، وأبو بكر يصلي فنكص عن صلاته ورده رسول الله (ص) بيده، وصلى قاعدا على يمينه، ثم أقبل على الناس بعد الصلاة فوعظهم وذكرهم، ولما فرغ من كلامه قال له أبو بكر: إني أراك قد أصبحت بنعمة الله وفضله كما نحب، وخرج إلى أهله في السنح، ودخل رسول الله (ص) في بيته فاضطجع في حجرة عائشة، ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر عليه وفي يده سواك أخضر، فنظر إليه وعرفت عائشة أنه يريده قالت:
" فمضغته حتى لان وأعطيته إياه فاستن به ثم وضعه، ثم ثقل في حجري فذهبت أنظر في وجهه، فإذا بصره قد شخص وهو يقول: الرفيق الأعلى من الجنة فعلمت أنه خير فاختار (32) ".