وذلك لأن هؤلاء كانوا هم في طليعة الثورة على عثمان. ومن هنا سنبدأ مناظرتنا لابن خلدون:
أولا: اعتراف ابن خلدون بمشيع حكيم بن جبلة لعلي (ع) وإخراجه لعبد الله بن سبأ، دليلا واضحا على أن حكيم بن جبلة ممن رفض أفكار عبد الله بن سبأ.
غير أن التاريخ يثبت أن حكيم بن جبلة كان من الثوار الكبار ضد عثمان. ومن الذين جاؤوا بوفد البصرة الذي شارك في حصار عثمان.
ومن جهة أخرى. أن الوفود كانت تتألف من الوفد المصري والكوفي والبصري. وكلهم كان على موقف واحد. وعلى مطلب مشترك. وكلهم من المتشيعين لعلي (ع) " ونزل معهم أناس من أهل مصر وكان هواهم في علي (78) ".
نستخلص من ذلك كله، أن حكيم بن جبلة لم يكن حسب ما ذهب إليه ابن خلدون موافقا على مطالب الوفود إذ زعم أنه رفض تحريض ابن السوداء، وأن هذا الأخير هو من كان وراء حركة الأمصار. ولو كان كذلك - إذن لزم عدم مجيئه في وفد كامل لقتل عثمان.
فهناك تناقض بين فيما ادعاه ابن خلدون ويثبت أن ابن السوداء فشل في إقناع حكيم بن جبلة وأهل البصرة. وليس ثمة ما يقنعهم به إلا أمرين.
التشيع لعلي، والثورة على عثمان. فأما الأولى فكانت من شأن حكيم بن جبلة وأهل البصرة. وذلك بشهادة بن خلدون. وأما الثانية، فلو كانوا رفضوها، إذن لما جاؤوا بوفدهم لقتل عثمان.
يقول ابن خلدون بعد ذلك " وحدث بالبصرة مثل ذلك من الطعن " (79).
فإذن، التحريض على عثمان لم يكن من اختصاص ابن سبأ الأسطوري.
إن التناقض هنا واضح جدا. لمن تأمل ثنايا الخبر.
ثانيا:
ابن خلدون الذي بذل الوسع في تعظيم الأمويين، ورفض مذاهب الشيعة إذ