عبيد الله على أبي بكر، فقال: إنه بلغني أنك يا خليفة رسول الله استخلفت عمرا، وقد رأيت ما يلقى الناص منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم، وأنت غدا لاق ربك، فيسألك عن رعيتك!.
فقال أبو بكر: اجلسوني ثم قال: أبالله تخوفني! إذا لقيت ربي فسألني قلت:
استخلفت عليهم خير أهلك. فقال طلحة: أعمر خير الناس، فاشتد غضبه، وقال:
" إي والله، هو خيرهم وأنت شرهم، أما والله لو وليتك لجعلت انفك في قفاك، ولرفعت نفسك فوق قدرها، حتى يكون الله هو الذي يضعها! أتينني وقد دلكت عينك، تريد أن نفتتني عن ديني، وتزيلني عن رأيي! قم لا أقام الله رجليك! أما والله لئن عشت فوق ناقة، وبلغني إنك غمصته فيها، أو ذكرته بسوء، لألحقنك بمحمضات قنة، فقام طلحة فخرج (68) ".
ما يفهم من هذا النص. وما يظهر من ثناياه، أن أبا بكر كان متشبثا برأيه في عمر بن الخطاب، ولنرجع مرة أخرى إلى نص ابن خلدون: " بعد أن شاور عليا وطلحة وعثمان وعبد الرحمن وغيرهم. فأثنوا عليه ". فقد تبين لنا أن الأمر كان على خلاف ذلك الادعاء فعلي (ع) لم يشر بشئ. وكان موقفه الرفض للأول والثاني كما سبق من كلامه في النهج. وإن طلحة أجاب بالرفض حتى أثار حفيظة أبي بكر، وحصل بينهما ما شاء من سب وقدح. وأما عبد الرحمن فقد كان ثناؤه عليه مشوبا بموجدة على عمر. إذ قال: " إنه أفضل من رأيك إلا أن فيه غلظة ". وكان عثمان هو الذي أثنى عليه نزولا عند رغبة أبي بكر، وهوى على هواه. أما عموم الصحابة فقد رفضوا كما سبق ذكره، وهابوا خلافته وقالوا فيه ما قاله طلحة.
فكيف بعد كل هذا يدعي ابن خلدون، إن الثناء كان عفويا من الجميع.
وجعل في الأمر من التلبيس ما يعكر صفو الحقيقة. ويكسر شوكة الصواب.
ولا بد من الوقوف عند خلافة عمر، وكتابة العهد، لينجلي لنا بعد تبيان