الأخبار (70): " إن عمرا كان جالسا والناس معه بيده جريدة ومعه شديد مولى لأبي بكر معه الصحيفة التي فيها استخلاف عمر، وعمر يقول:
" أيها الناس اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله أنه يقول: إني لم آلكم نصحا ".
وقد ثبت أيضا أن عمر اعتبر خلافة أبي بكر فلتة. وذلك لأنها لم تكن بمشورة من المسلمين، وهو هنا يتقبل عهد أبي بكر له بالأمر من دون أن يراجعه في ذلك أو يعتبره فلتة من جنس تلك الفلتة التي ذكرها.
كيف تقبل العهد من دون مشورة!.
إنني لست مرتاحا لهذه الحبكة المفضوحة، ولعمر الله، إن المؤامرة لبينة حتى لذي غرارة صغير، فهل ذلك مما ينطلي على أولي الألباب، وهل ابن خلدون يجهل ذلك أم أن الأمر محض تجاهل، ومن قبيل التعامي والتغاضي المقيت؟!.
إن عمر بن الخطاب لم يكن ممن حضر في بداية الأمر، ولم يشهد ما راج بين الصحابة وأبي بكر في ذلك الشأن، فهو مطمئن الجناب من هذا الأمر، فالمسألة اليوم ليست كما كانت عليه في سقيفة بني ساعدة. ولم يجن عمر ويتوعد بالقتل من قال بوفاة الرسول (ص) ولم يتهم بالهجر أبا بكر حين عهد له بالأمر، ولم يهرع لمجالدة الصحابة على رأيه في الأمر.
إن ابن خلدون لم يستعرض كامل الأحداث، ولم يشر إلى ملابسات العهد كما كتبه عثمان. ولا إلى قضية الاغماء، وكل ذلك تجنبا منه لعدم التعرض للاستفهام.