الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٥٨
مجمل اللعبة، أن نصوص ابن خلدون حولها مدخولة إلى المدى الذي يبدو منها التعسف الذميم والاعنات الممل!.
لقد سبق أن رأينا ما كان عليه الحال عند وفاة الرسول (ص) والتلبيس الذي قاموا به ليجعلوا من وفاة الرسول (ص) وفاة صامتة. وفاة رجل لا مسؤول، ولاهم له فيما يخص مستقبل أمته من بعد موته. لقد توفي وهو ساكت عن العهد.
وحين أراد ذلك ألقمه عمر بتهمة الهجر. غير أن المقام عند وفاة أبي بكر اختلف تماما. فأبو بكر أبصر بالأمور، وأنه لا بد من العهد. وذلك درأ للخلاف من بعده. بعد أن ادعوا أن كتاب الله بين أيديهم ويكفيهم عن عهد الرسول (ص) من بعده بالأمر. لقد تصدى عمر أثناء مرض الرسول (ص) لقمع كل من رام إحضار الكتاب لرسول الله (ص) كما تقدم. وسنده في ذلك أن كتاب الله بين أيدينا ولا حاجة للعهد بعد ذلك، وأن الرسول يهجر من جهة أخرى.
هذا الموقف لم يعد نفسه يوم وفاة أبي بكر، لم يقل إن كتاب الله معنا ولا حاجة لنا بعهد أبي بكر، فعهد رسول الله (ص) أولى من ذلك وقد أعرضنا عنه، كما لم يقل في أبي بكر ما قاله في رسول الله (ص) لقد كتب أبو بكر العهد إلى عمر وهو في لحظة من الاغماء كما ذكر المؤرخون.
فقد ذكر الطبري، " إنه دعى أبو بكر عثمان فأمره أن يكتب عهدا، فقال:
أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد عبد الله بن عثمان إلى المسلمين. أما بعد، ثم أغمي عليه، وكتب عثمان: قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، وأفاق أبو بكر، فقال: اقرأ فقرأه، فكبر أبو بكر، وسر، وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن مت في غشيتي! قال: نعم، قال:
جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله (69) ".
هذا هو الجو الذي كتب فيه العهد، جو الاغماء والهجر الحقيقي. ولكن عمر بن الخطاب تأدب هذه المرة مع رفيقه. واستخدم أحسن الألفاظ وأسوغها وحث الناس على طاعة أبي بكر وتقبل ما عهد به إليه. وقد ثبت عنه يومها ما جاء في

(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235