مجمل اللعبة، أن نصوص ابن خلدون حولها مدخولة إلى المدى الذي يبدو منها التعسف الذميم والاعنات الممل!.
لقد سبق أن رأينا ما كان عليه الحال عند وفاة الرسول (ص) والتلبيس الذي قاموا به ليجعلوا من وفاة الرسول (ص) وفاة صامتة. وفاة رجل لا مسؤول، ولاهم له فيما يخص مستقبل أمته من بعد موته. لقد توفي وهو ساكت عن العهد.
وحين أراد ذلك ألقمه عمر بتهمة الهجر. غير أن المقام عند وفاة أبي بكر اختلف تماما. فأبو بكر أبصر بالأمور، وأنه لا بد من العهد. وذلك درأ للخلاف من بعده. بعد أن ادعوا أن كتاب الله بين أيديهم ويكفيهم عن عهد الرسول (ص) من بعده بالأمر. لقد تصدى عمر أثناء مرض الرسول (ص) لقمع كل من رام إحضار الكتاب لرسول الله (ص) كما تقدم. وسنده في ذلك أن كتاب الله بين أيدينا ولا حاجة للعهد بعد ذلك، وأن الرسول يهجر من جهة أخرى.
هذا الموقف لم يعد نفسه يوم وفاة أبي بكر، لم يقل إن كتاب الله معنا ولا حاجة لنا بعهد أبي بكر، فعهد رسول الله (ص) أولى من ذلك وقد أعرضنا عنه، كما لم يقل في أبي بكر ما قاله في رسول الله (ص) لقد كتب أبو بكر العهد إلى عمر وهو في لحظة من الاغماء كما ذكر المؤرخون.
فقد ذكر الطبري، " إنه دعى أبو بكر عثمان فأمره أن يكتب عهدا، فقال:
أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد عبد الله بن عثمان إلى المسلمين. أما بعد، ثم أغمي عليه، وكتب عثمان: قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، وأفاق أبو بكر، فقال: اقرأ فقرأه، فكبر أبو بكر، وسر، وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن مت في غشيتي! قال: نعم، قال:
جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله (69) ".
هذا هو الجو الذي كتب فيه العهد، جو الاغماء والهجر الحقيقي. ولكن عمر بن الخطاب تأدب هذه المرة مع رفيقه. واستخدم أحسن الألفاظ وأسوغها وحث الناس على طاعة أبي بكر وتقبل ما عهد به إليه. وقد ثبت عنه يومها ما جاء في