الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٦٢
خلدون رواية عبد الله بن سبأ من دون النظر في مداخيلها، أخذها بعد أن وضع عقله في القفص، وانقاد إليها بسذاجة المقلدين، الذين طالما عاتبهم ابن خلدون على التلقي غير الواعي، واللامنتج، الذي لا يتم فيه التمحيص للخبر، قال ابن خلدون:
" هذا آخر الكلام في الخلافة الإسلامية وما كان فيها من الردة والفتوحات والحروب، ثم الاتفاق والجماعة أوردتها ملخصة عيونها ومجامعها من كتب محمد بن جرير الطبري، وهو تاريخه الكبير، فإنه أوثق ما رأيناه في ذلك وأبعد عن المطاعن، والشبه في كبار الأمة من خيارهم وعدولهم من الصحابة والتابعين (77) ".
إذن، ابن خلدون أخذ هذه الرواية عن الطبري. ونلاحظ أنه لم يأخذ عنه الروايات التي تدين عثمان أو الخلفاء. فهو إذن ينتقي. وفي انتقائه ذاك يعبر عن إعنات مفرط، وانتحال للأخبار موقع في التلبيس. وقد سبق أن رأينا كيف طوى كشحا عن تلك الروايات الكثيرة عند الطبري في أمر وفاة الرسول (ص) والسقيفة، ورأينا كيف كان من دأبه أن يروي الأساطير في تعزيز مذهبه التاريخي، نظير ما جاء في مقتل سعد بن عبادة من قبل الجن، وهو بذلك يؤكد على الطبيعة السحرية لمنهجه التاريخي. ومثل تلك الأساطير التي اعتمدها لما تنطوي عليه من تعتيم على انحراف خلافة عثمان وعلى مجريات الأحداث.
ولا يهمنا هنا مناقشة صميم الرواية. فيكفي أن يراجع القارئ ما أثبته الأستاذ العسكري. وإنما أريد أن أؤكد على تهافت ابن خلدون في سرده لهذه الرواية بشكل يثير القرف ويبعث على الغثيان.
إنه مرة يؤكد أنه - أي ابن سبأ - ذهب إلى البصرة حيث حكيم بن جبلة..
وكان هذا الأخير حسب شهادة ابن خلدون ممن أخرج ابن سبأ إلى الكوفة. ومنها ذهب إلى مصر حيث التقى بعمار.
من خلال هذه القصة يعتقد ابن خلدون بأن أتباع ابن سبأ الرموز كانوا هم عمار وأبو ذر.

(77) نفس المصدر ص 457.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235