بأن المشيرين عليه في الأمر كانوا هم عثمان وعبد الرحمن بن عوف وهؤلاء هم الذين دعاهم. وأما طلحة كان ممن دخل بعدهم بلا مشورة. ولا مكان لعلي (ع) بعدها. إلا تماديا من الوضاعين والمحرفين. لاظهر شديد يحمل دليليته ولا أساس متين يقيم ادعاءه.
ولنمض مع ابن خلدون لنرى كيف كانت طريقة الشورى. وهل ثبت أن أثنوا على رأيه؟ أم أن الأمر لم يكن سوى محض تعقل وإسراف من ابن خلدون نفسه؟! (66) ذكر ابن قتيبة " إن عمر قد خرج بالكتاب وأعلمهم: فقالوا: سمعا وطاعة.
فقال له رجل: ما في الكتاب يا أبا جعفر؟ قال: لا أدري، ولكني أول من سمع وأطاع. قال: لكني والله أدري ما فيه: أمرته عام أول وأمرك العام (67) ".
ولندع رواية ابن قتيبة وهو ممن رفض بن خلدون الأخذ عنه في هذا المجال، لأنه لن يجد عنده ما هو مطاوع لتعمله ولا قابل لملاطفاته، وإن كان ابن قتيبة ممن مدحه أهل الرجال وأصحاب التراجم كصاحب الفهرست، وممن مارس القضاء بدينور من دون تزلف وشهد له بالعدالة. ولكن دعنا نعود إلى من وثقهم ابن خلدون وألزم نفسه بالأخذ عنهم، كابن جرير الطبري. لنقف عند " حقيقة ما جرى من هذه المشورة المفتعلة.
جاء في الأثر إن أبا بكر لما نزل به الموت دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال: أخبرني عن عمر قال: إنه أفضل من رأيك إلا أن فيه غلظة، فقال أبو بكر: ذاك لأنه يراني رقيقا، ولو قد أفضى الأمر إليه لترك كثيرا مما هو عليه، وقد رمقته إذا أنا غضبت على رجل أراني الرضا عنه، وإذا لنت له أراني الشدة عليه. ثم دعى عثمان بن عفان، فقال: أخبرني عن عمر، فقال: سريرته خير من علانيته، وليس فينا مثله. فقال لهما: لا تذكروا مما قلت لكما شيئا، ولو تركت عمر لما عدوتك يا عثمان، والخيرة لك ألا تلي من أمورهم شيئا، ولوددت أني كنت من أموركم خلوا، وكنت فيمن مضى من سلفكم. ودخل طلحة بن