فهو ممن أوتوا الفطنة والعلم والصدق. ولا أدل على ذلك من التزامه وسلوكه الذي يعكس ذلك العلم الكبير والفطنة النافذة.
لقد اعتبر (رض) مفاسد الأمويين يومها خطرا على الإسلام وصدقت فراسته فهو لم يكن كما ادعى مؤرخ المغرب، رجلا ظاهريا ولا أدل على علمه أيضا، والتزامه، ما جرى بينه وعثمان في حضرة كعب وإن كانت تلك الحادثة تدل على شئ فإنما على مدى قوة بصيرة أبي ذر، وحسبه من علم الباطن، أن رد بأعنف العنف اليهودي المندس عن الافتاء في دين الله. وأن تكون دعوته مما حملها المحرومون عبر تاريخ.
ولا يزال أبو ذر الغفاري يمثل أروع نموذج لثورة الفقراء حتى جعله البعض الاشتراكي الأول في تاريخ الإسلام!.
ودعنا هنا، نعرض بعض الإحصائيات عن الممتلكات الضخمة التي كانت تدور بعين أبي ذر وتثير رفضه لنرى هل مثل ذلك الحجم من الثروات في أيدي عثمان. وذلك الشكل من الفقر الذي تعانيه الطبقات السفلى من الناس. شئ طبيعي بالنسبة لذوي الضمائر الحية والروح المسؤولة.
لنر هل فعلا كان أبو ذر ينتظر من عبد الله ابن سبأ أن يعلمه الثورة على الأثرياء. أم أن ذلك من تعاليم الإمام علي (ع) حين كان لا يفتر عن الإشارة إلى هذا الوضع وهو صاحب الكلمة الشهيرة:
" ما رأيت نعمة موفورة إلا وبجانبها حق مضيع " وهو من قال بعدها:
" الله الله في الطبقات السفلى من الناس " (86).
" ذكر عبد الله بن عتبة إن عثمان يوم قتل كان له عند خازنه من المال خمسون ومائة ألف دينار وألف ألف درهم وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين وغيرهما مائة ألف دينار، وخلف خيلا كثيرا وإبلا (87) ".
هذه هي ثروة عثمان الشخصية ناهيك عما أقطعه لبطانته، وما اغتصبه من بيت