عمود من أعمدة عاد (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) (69).
وذهبت عاد. ولما كانت عاد في صدر القافلة البشرية من بعد قوم نوح.
وأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في خاتمة القافلة الإنسانية فإن الله تعالى ربط بين البلاء والختام في مواضع من القرآن الكريم. وبين سبحانه أن عادا كانوا من التمكن على درجة عالية لم تكن لكفار مكة. وكان لهم من أدوات الادراك والتمييز ما يستطيع به الإنسان الاحتيال لدفع المكاره والاتقاء من الحوادث المهلكة المبيدة. لكن كل هذا لم يغن عنهم. ولم تنفعهم هذه المشاعر والأفئدة شيئا عندما جحدوا آيات الله. فما الذي يؤمن كفار خاتمة القافلة من عذاب الله وهم جاحدون لآيات الله يقول تعالى بعد أن أخبر عن هلاك عاد (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شئ إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون * ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون) (70) وفي الربط بين البدء والختام أيضا يقول تعالى لرسوله الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم: (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) (71) إنها تذكرة إنذارية، ليكون البدء هناك عبرة للخاتمة هنا (وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد * واتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عاد كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود) (72).
* مشهد وحركة:
لقد جحدت عاد بآيات الله من الحكمة والموعظة والمعجزة التي أظهرت لهم طريق الرشد وميزت لهم الحق من الباطل، جحدوا بها بعد ما جاءهم من العلم، وعصوا رسول ربهم هودا عليه السلام، ومن قبله من الرسل، لأن عصيان الواحد منهم هو عصيان للجميع. فكلهم يدعون إلى دين واحد، وعلى ذلك فهم عندما يعصون هودا يكونون قد عصوا بعصيانه سائر رسل الله، وسلسلة الأنبياء