الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٢٨
بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون) أخرج ابن جرير وابن حاتم عن ابن عباس قال: هم المنافقون (374) وقال المفسرون: أي لا تتخذوا أولياء وأصدقاء لأنفسكم من دونكم. وجعل سبحانه البطانة مثلا لخليل الرجل. والبطانة هي ما يلي البدن الثوب. والله تعالى نهى المؤمنين أن يتخذوا من الكفار أخلاء وأصفياء لما هم عليه من الغش والخيانة (375) ولما هم عليه من الاستكبار باتخاذهم الدين هزوا ولعبا. قضاء منهم بأن الدين ليس له من الواقعية والمكانة الحقيقية شئ. إلا أن يؤخذ به ليمزح به أو ليلعب به لعبا قال تعالى:! يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم. والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين) (376).
لقد حاصر الإسلام دائرة النجس والرجس. التي حمل أصحابها معاول الهدم التي تحمل شعارات قابيل وجبابرة قوم نوح وعاد وثمود. وانطلقوا ليحاصروا الفطرة بثقافة أهل المؤتفكة وأصحاب الأيكة وزخارف فرعون. لقد حاصر الإسلام تلك الدائرة الواسعة التي تحتوي على دوائر الماضي وفي محاصرته لها تحذير لأتباع الرسالة الخاتمة. حتى لا يكون للناس على الله حجة.
3 - إتمام الحجة:
لم يكتف كتاب الله بحصار معسكر الكفر كله وتحذير المؤمنين منه. وإنما قضى الله أن العلم النافع يناله المؤمنون فقط. لذا أعلنت الشريعة الخاتمة أن المعارف الحقيقية تكون في متناول البشر عندما يصلح أخلاقه. وأن السعادة الحقيقية يصل الإنسان إليها عندما يكون مؤمنا بالله وكافرا بالطاغوت. أما غير ذلك من معارف وزخرف فلا تصل بالإنسان إلى طريق الهلاك وما عاد وثمود وأصحاب الأيكة وقوم فرعون من الإنسانية بعيد. ولما كان معسكر النفاق داخل البيت

(374) الدر المنثور / السيوطي: 66 / 2.
(375) ابن جرير: 40 / 4، الميزان: 3 / 386.
(376) سورة المائدة، الآية: 57.
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»
الفهرست