الإسلامي لا بد له من معارف ينطلق بها إلى عالم الفتنة. وإن معارفه سيستند فيها على كتاب الله بتأويل آياته بحيث ينتسخ دين الله وذلك في قوله تعالى: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله " (377) قال المفسرون الزيغ هو الميل عن الاستقامة. والآية تكشف حال الناس بالنسبة إلى تلقي القرآن بمحكمه ومتشابهه. وأن منهم من هو زائغ القلب يتبع المتشابه ابتغاء الفتنة والتأويل. ومنهم من هو راسخ العلم مستقر التلب يأخذ المحكم ويؤمن بالمتشابه. والمراد بابتغاء الفتنة في الآية طلب إضلال الناس ومعنى الآية:
يريدون باتباع المتشابه إضلال الناس في آيات الله. وأمر آخر هو أعظم من ذلك. وهو الحصول والوقوف على تأويل القرآن. ومآخذ أحكام الحلال والحرام حتى يستغنوا عن اتباع محكمات الدين فينسخ بذلك دين الله من أصله " (378) لما كان معسكر النفاق سيفرز الذين يتاجرون بالمتشابه. وفيهم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان " (379) فإن كتاب الله عزل هذا الصنف عن معارفه وهو قوله تعالى:! إنه لقرآن كريم + في كتاب مكنون + لا يمسه إلا المطهرون " (380) فمس الكتاب لا يقف عند الطهارة من الخبث أو الحدث عند مسك الكتاب باليد. بل ينطلق نحو تعريف أوسع. فإذا كانت الأيدي التي تمسه يجب أن تكون طاهرة فكذلك يجب أن تكون العقول التي تمسه طاهرة. ولأن عقول المنافقين ليس عليها مسحة من طهارة.
فإن الله قضى أن لا يصيبهم علم نافع. ليتخبطوا في عالم المتشابه الذي يقودهم إلى الهلاك ومن ورائهم الذين مضغوا علومهم. وفي قوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون " قال المفسرون: مسه هو العلم به. والمطهرون هم الذين طهر الله نفوسهم من أرجاس المعاصي وقاذورات الذنوب أو مما هو أعظم من ذلك وأدق وهو تطهير قلوبهم من التعلق بغير الله. وهذا المعنى من التطهير هو المناسب