الفطرة وحصنها من كل ما يتلفها. وذلك عندما حدد دائرة الأمان وسط الرقعة العريضة ومجمل القول. إن الله تعالى أتم نعمته. وحدد سبحانه دوائر الاختبار.
وفسرت السنة الشريفة هذه الدوائر ولا إكراه في دين الله. لقد كان حول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجال عظماء لا شك في إخلاصهم للدعوة. ولكن الله أوجد الإنسان على هذه الأرض ليختبره فيها. وعظماء الصدر الأول كانوا من الناس والله تعالى يقول. (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون 5 ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ء أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ء من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لات وهو السميع العليم * ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين) (362) قال المفسرون: أظن الناس أن يتركوا فلا يتعرض لحالهم ولا يمتحنوا بما يظهر به صدقهم ء أو كذبهم في دعوى الإيمان بمجرد قولهم. آمنا؟ إن الفتنة والامتحان سنة جارية لله وقد جرت في الذين من قبلهم وهي جارية فيهم ولن تجد لسنة الله تبديلا. ولا يحسبن الذين لم يدخلوا في الإيمان أنهم يتخلصون من هذه الفتنة والامتحان. فإن من ورائهم من العقوبة والنكال ما هو أغلظ من هذا وأطم. فمن كان يرجو لقاء الله فإن الله سيحقق له رجاءه ويوفيه عمله كاملا. ومن جاهد فإن جهاده يعود نفعه إلى نفسه لأن الله غني عن العالمين.
وعظماء الصدر الأول لا ينكر فضلهم أحدا. ولكنهم عاشوا على رقعة من الأرض احتوت على كل أنماط بني الإنسان صالح وطالح وهذا وذاك يخضع لسنة الله الجارية من امتحان وفتنة. وفي عالم الفتن والابتلاء لا يعرف الرجل باسمه وإنما يعرف بالحق. فبالحق يعرف الرجال وليس بالرجال يعرف الحق. وهذه قاعدة قرآنية ذكرها الله في أكثر من موضع في كتابه. فالسامري كان وفقا لفقه الشعار من أصحاب موسى عليه السلام. ولكن حقيقته عرفت بمعايير الحق.
وصاحب النبأ (363) كان من أصحاب موسى فما أغنى عنه علمه عندما سلط الحق