أجهزة الصد والفتنة الذين يدعون إلى النار مستخدمين في ذلك رموز الإسلام.
وأمر عليه الصلاة والسلام بالالتزام بالجماعة والإمام ولا إمام إلا بكتاب الله. ولم ينكر على حذيفة قوله: " فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام " بل قدم الدواء لهذا الداء لعلمه أن هذا واقع لا محالة. فأمر باعتزال الفرق كلها. وأمر بالعض على أصل شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء حتى يأتي الموت فيجده على ذلك. لقد قامت الحجة على الماضي والحاضر والمستقبل. ولا إجبار في دين الله في جميع الأحوال.
4 - يوم الخميس والرحيل:
على امتداد الرسالة كان صلى الله عليه وآله وسلم يتحدث إلى القافلة البشرية. كما تحدث الأنبياء من قبل. فنادى بالعدل مبينا أن الإنسانية لم توجد ليأكل القوي فيها الضعيف. وإنما ليعيش هذا وذاك بإحساس أن كل منهما في حاجة إلى الآخر وأن فوق الجميع قوة الله القادر على كل شئ. وبهذه القوة يرزقون وبها يموتون ويبعثون يوم القيامة. وأنذر الجبابرة مبينا أن فناء الباطل بالحق. وأن الذي يخرج عن معيار التوازن قويا كان أو ضعيفا فإنه يطارد في الكون أمام الأمواج كقوم نوح أو أمام الرياح كقوم عاد أو تحت الصيحة كثمود أو تحت الظلة كأصحاب الأيكة إلى غير ذلك من عذاب الله الغير مردود. وعندما أتم الله رسالته أتى الإنسانية. بآخر أنبيائه صلى الله عليه وآله وسلم. وعندما سدت جميع المنافذ التي يدخل منها الشيطان وأتباعه ليكون في هذا حجة على من يفتح نافذة للشيطان. تحت جلده أو داخل أسرته أو في مجتمعه الذي يعيش فيه. جاء وقت رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولقد روي أن دموعه كانت تجري كثيرا في آخر أيامه صلى الله عليه وآله وسلم. وذلك لأنه كان يعلم من ربه الأحداث التي ستعصف بالأمة وتنتهي بالظالمين إلى عقاب الله المؤجل. كان يعلم أمورا روي أنه لم يرى بعدها ضاحكا حتى مات. ولهذا كان عليه الصلاة والسلام حريصا رغم إتمام الحجة أن يحذر مما سيقع ليكون كل تحذير يضاف حجة فوق الحجة... لتعلم الإنسانية بعد ذلك أن الطريق يعج بالفتن وهذه الفتن لم تأت من نفسها. فيحذر كل عضو فيها أن يكون من صناعها وحتى لا يصيبه العذاب. والله لا يظلم الناس والعذاب الذي يراه الناس ما هو إلا نتيجة طبيعية