أشعته عليه. فالإنسان وجد على الأرض ليختبر ولقد زوده الله تعالى بجميع وسائل النجاة وأحاطه بجميع معالم الزينة والزخرف. فمن كان يرجو لقاء الله اجتاز الدنيا بسلام. ورجال الصدر الأول هم من بني الإنسان. منهم من أخذ بأسباب النجاة ومنهم من أحاط به الشقاء وقد ذكر القرآن أن منهم من في قلبه مرض ومنهم سماعون للمنافقين ومنهم من يسميه فاسقا ومنهم من تبرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عمله ومنهم من رضي الله عنه ومنهم من لم يرض عنه لأن الله لا يرضى عن الفاسق والمنافق ومن اتبع هواه إلى غير ذلك. وبالجملة: قال تعالى: (ش محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا - إلى قوله تعالى - وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) (364) قال المفسرون: قوله:
(إ منهم) " أي لو كان منهم من لم يؤمن أصلا كالمنافقين الذين لم يعرفوا بالنفاق كما يشير إليه قوله تعالى: (! ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) (365) أو آمن أولا ثم أشرك وكفر كما في قوله: (! إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى - إلى قوله - ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم) " (366) أو آمن ولم يعمل الصالحات كما يستفاد من آيات الإفك - ومن أهل الإفك من هو صحابي بدري وقد قال تعالى: (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم " (367) - فأمثال ذلك لا يشمله وعد المغفرة والأجر العظيم الذي وعد الله في صدر الآية. وفي موضع آخر يقول تعالى: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) " (368) قال المفسرون. والمعنى: فإذا كان بيعتك بيعة الله فالناكث الناقض لها ناقض لبيعة الله ولا يتضرر بذلك إلا نفسه. كما لا ينتفع بالإيفاء إلا