الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٠٩
ربكم رجس وغضب) (290) قال المفسرون: الرجس هنا هو الأمر الذي إذا وقع على الشئ أوجب الابتعاد عنه. ولذا يطلق على القاذورات لأن الإنسان يتنفر ويبتعد عنه. ويطلق على العذاب. لأن المعذب يبتعد عمن يعذبه أو من الناس الآمنين من العذاب (291). وطابور الكفر والنفاق الذي اختار بحيرة الرجس ليعيشوا فيها ولم يرضوا بها بديلا. كان عقابهم من الله أنه سبحانه زادهم رجسا على رجسهم قال تعالى:! وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون إ (292) ومعنى الآية زادهم ضلالا جديدا إلى ضلالهم القديم. لأن السنة الإلهية تقضي بأن تجعل الرجس والضلال على أهل العناد والجحود كما في قوله تعالى: أ ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون) (293).
من هذه الآيات نعلم أن المنافقين يسيرون على أرض الإسلام ولكن بنفوس تسبح في بحيرة ماؤها قذر. ونظرا لأن النفاق عمل سري في المقام الأول. حيث يدخل صاحبه الإسلام ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل منه (294) كان الوحي يكشف لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حركة هذا الطابور. فيتعامل معه وفقا لحركة الدعوة ومصلحة الإسلام وحتى لا يروج معسكر الكفر مقولة أن محمدا يقتل أصحابه. ولما كان النفاق لا يستطيع أن يحرز أي تقدم في دائرة الوحي التي تكشف رجسه. علق طابور النفاق أمله في وفاة رسول الله. ولما كان الإسلام هو دين الفطرة الخاتم. وهو ممتد بعد وفاة الرسول وحتى قيام الساعة. كان من عدل الله تعالى أنه حاصر دائرة الرجس بآيات باهرة. إذا أخذ بها المسلمون قطعوا الطريق أمام مناورات النفاق. وإذا لم يأخذوا بها فلا إجبار في دين الله. ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي سبحانه الشاكرين. ولما كان النفاق في دائرة الرجس والسواد الأعظم من الناس لا يستطيع أن يميز المنافق من غيره

(290) سورة الأعراف، الآية: 71.
(291) الميزان: 179 / 8.
(292) سورة التوبة، الآية: 125.
(293) سورة يونس، الآية: 100.
(294) لسان العرب: 4508.
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»
الفهرست