تعالى (ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفر نا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم * ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل كما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) (135) قال المفسرون: المراد بالتقوى بعد الإيمان. التورع عن محارم الله واتقاء الذنوب التي تحتم السخط الإلهي وعذاب النار. وهي الشرك بالله وسائر الكبائر الموبقة التي أوعد الله عليها النار وقوله:
(ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم) المراد بالتوراة والإنجيل الكتابان السماويان اللذان يذكر القرآن أن الله أنزلهما على موسى وعيسى عليهما السلام. دون ما بأيدي القوم من الكتب التي يذكر أنه لعبت بها يد التحريف والظاهر أن المراد بما أنزل إليهم من ربهم سائر الكتب المنسوبة إلى الأنبياء الموجودة عندهم كمزامير داوود وغيره وقوله: (لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) المراد بالأكل التنعم مطلقا. والمراد من فوقهم هو السماء ومن تحت أرجلهم هو الأرض.
والآية من الدليل على أن الإيمان والعمل الصالح له تأثير في صلاح النظام الكوني.
من حيث ارتباطه بالنوع الإنساني. فلو صلح النوع الإنساني، صلح نظام الدنيا، من حيث إيفائه باللازم لحياة الإنسان السعيدة من اندفاع النقم ووفور النعم. لقد عرض عليهم القرآن الإيمان بالرسول صلى عليه وآله وسلم. كي يركبوا طريق الهداية. ثم عرض عليهم أن يقيموا التوراة والإنجيل اللذان يذكر القرآن أن الله أنزلهما على موسى وعيسى عليهما السلام. ففي حالة ظهورهما سيقطعون أقرب الطرق للإيمان بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم فيؤمنون به عن طريق كتبهم. لأنه موصوف فيها. وكان اليهود والنصارى ينشرون بينهم وفي العالم خبر نبوته كما قال تعالى: (كانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) (136) قال المفسرون:
أي قبل مجئ النبي بالقرآن كانوا بمجيئه على أعدائهم من المشركين إذا قاتلوهم ويقولون أنه سيبعث نبي أخر الزمان. نقتلكم معه قتل عاد وإرم (137)