الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣٠٦
بحار الفتن التي أدلى فيها سلفهم كل واحد منهم بدلوه المحمل بالشذوذ والانحراف. ولكن أصحاب الأيدي الخفية أولئك الذين يعملون من قديم من أجل تأصيل الشذوذ عملوا بكل جهد من أجل أن تسير مسيرة الفساد في اتجاه الدجال. ولأن الإسلام لا يكره أحد على اتباعه. تركهم الله في طريقهم. وختم على قلوبهم بعد أن مهدوا لأنفسهم ودخلوا بأقدامهم تحت عذاب الطمس.
(رابعا) عذاب الطمس:
إن الإنسان سيد أعماله. وبداية الضلال من الإنسان نفسه. فليس للشيطان أية سلطة على الناس. ولا يتمكن من إكراه الناس على المعصية. إن الشيطان يزن الأعمال فقط. ويدعوا الناس إلى الضلال فقط. وعندما يلبي الإنسان الدعوة. يضله الله عقابا لسوء اختياره. ومعنى إضلال الله للعبد، أن الله يقطع رحمته منه فينحرف باختياره. بني إسرائيل شهدوا أكثر من آية مع أنبيائهم. ووضعهم الله تحت ضربات الغزاة كي يتوبوا ويستغفروا. لكنهم وهم في سبي الغزاة حرفوا التوراة وشكلوا جهازا دينيا يسهر على مصالح المسيح الدجال. وواصلوا الانحراف حتى إنهم أحكموا القبضة على الأنبياء فقتلوهم.
وأحكموا القبضة على دعوة عيسى بعد أن رفعه الله. فربطوها بالتوراة والتوراة لا تعلم عنها شيئا. وظلت القافة تسارع بالفساد في الأرض باختيارها حتى جاءهم الإنذار الإلهي القاصم. قال تعالى:
(يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا) (141) قال المفسرون: روي أن هناك من أسلم عندما سمع هذه الآية.
وقال: " يا رب أسلمت " مخافة أن تصيبه هذه الآية. وقيل في طمس الوجوه الكثير. فمن قائل: طمسها أن تعمى. ومن قائل: جعل وجوههم من قبل أقفيتهم فيمشون القهقرى. وقيل: ترد على أدبارها أي تمنع عن الحق (142) وقال صاحب الميزان: تعرضت الآية لليهود أو طائفة منهم. فإنهم بإزاء ما خانوا الله

(141) سورة النساء، الآية: 47.
(142) ابن كثير: 505 / 1.
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»
الفهرست