الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٣١٧
الكعبة وفنائها ثلاثمائة وستون صنما، وتدرجوا من عبادة الأصنام والأوثان إلى عبادة الحجر من أي جنس مان، وكانت لهم آلهة من الملائكة والجن والكواكب. وكانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله! وأن الجن شركاء الله!
واعتقدوا أن هؤلاء لهم مشاركة في تدبير الكون! وقدرة ذاتية على النفع والضرر والإيجاد والإفناء! فآمنوا بقدرتهم وتأثيرهم وعبدوهم (2) وعلى أرض العرب وبالتحديد في مكة كان العديد من علماء أهل الكتاب يقيمون فيها أو حولها انتظارا لظهور النبي الموصوف عندهم في كتبهم والذي يعرفونه كما يعرفون أبناءهم نظرا لدقة الوصف الذي وصفه لهم الأحبار والرهبان الذين أؤتمنوا على ما أخفاه من الكتاب.
وبالجملة كانت القافلة البشرية في حاجة إلى مشعل هداية بعد أن سقطت أطروحات الأصنام في الأوحال العميقة. مشعل هداية يهدي إلى صراط الله المستقيم، وجاء النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن جفت الحكمة وجف العلم من آنية أهل الكتاب.
أولا: وجاء النور الهادي:
1 - من صفاته عند أهل الكتاب:
كان عليه السلام أميا، والأمي هو الذي لا يقرأ ولا يكتب. قال القرطبي في تفسيره: (جاء في التوراة أن الله قال لموسى بن عمران) " إني أقيم لبني إسرائيل من إخوتهم نبي مثلك. اجعل كلامي على فيه. فمن عصاه انتقمت منه " فمن إخوة بني إسرائيل؟ فلا محالة أنهم العرب أو الروم. فأما الروم فلم يكن منهم نبي سوى أيوب وكان قبل موسى بزمان، فلا يجوز أن يكون هو الذي بشرت به التوراة. فلم يبق إلا العرب. فهو إذن محمد عليه السلام. وقد قال في التوراة حين ذكر إسماعيل جد العرب " إنه يضع فسطاطه في وسط بلاد إخوته " فكني عن بني إسرائيل بأخوة إسماعيل. كما كني عن العرب بأخوة بني إسرائيل في قوله: " إني أقيم لبني إسرائيل من إخوتهم نبي مثلك " ويدل ذلك أيضا قوله:

(2) السيرة النبوية / الندوى: ص 11.
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 313 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»
الفهرست