ينطبق على كل واحد من الثلاثة. وهذا لازم قولهم أن الأب إله. ولابن إله والروح إله. وهو ثلاثة! وهو وحد! يضاهئون بذلك نظير قولنا: إن زيد بن عمرو إنسان. فهناك أمور ثلاثة هي: زيد وابن عمرو والإنسان. هناك أمر واحد هو المنعوت بهذه النعوت. وقد غفلوا عن هذه الكثرة إن كانت حقيقة غير اعتبارية. أوجبت الكثرة في المنعوت حقيقة. وأن المنعوت إن كان واحدا حقيقة أوجب ذلك أن تكون الكثرة اعتبارية غير حقيقة. فالجمع بين هذه الكثرة العددية والوحدة العددية. في زيد المنعوت بحسب الحقيقة. مما يستنكف العقل عن تعقله. ولذا ربما ذكر بعض الدعاة من النصارى أن مسألة التثليث من المسائل المأثورة، من مذاهب الأسلاف، التي لا تقبل الحل بحسب الموازين العلمية.
ولم يتنبه أن عليه أن يطالب الدليل على كل دعوى يقرع سمعه، سواء كان من دعاوي الأسلاف أو من دعاوي الأخلاف.
وقوله: (وما من إله إلا إله واحد) فالمعنى: ليس في الوجود شئ من جنس الإله أصلا إلا إله واحد نوعا من الوحدة لا يقبل التعدد أصلا، لا تعدد الذات ولا تعدد الصفات لا خارجا ولا فرضا، إن الله سبحانه لا يقبل بذاته المتعالية الكثرة بوجه من الوجوه، فهو تعالى في ذاته واحد، وإذا اتصف بصفاته الكريمة وأسمائه الحسنى، لم يزد ذلك على ذاته الواحدة شيئا، ولا الصفة إذا أضيفت إلى الصفة. أورث ذلك كثرة وتعددا فهو تعالى إحدى الذات لا ينقسم لا في الخارج ولا في وهم ولا في عقل. فليس الله سبحانه. بحيث يتجزأ في ذاته إلى شئ وشئ قط. ولا أن ذاته بحيث يجوز أن يضاف إليه شئ فيصير اثنين أو أكثر. كيف؟ وهو تعالى مع هذا الشئ الذي تراد إضافته إليه تعالى في وهم أو فرض أو خارج. فهو تعالى واحد في ذاته لكن لا بالواحدة العددية. التي لسائر كيف؟ وهذه الواحدة العددية والكثرة المتألفة منها كلتاهما من آثار صنعه وإيجاده، فكيف يتصف بما هو من صنعه؟ (126).
وقوله: (وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب