غريزته ذلك. ففيه عبرة لمن كان إنسانا مستقيما على طريق الفطرة (242) وقال تعالى: (فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين) (243) جعلهم سلفا للآخرين لتقدمهم عليهم في دخول النار، وجعلهم مثلا لهم لكونهم مما يعتبر به الآخرون لو اعتبروا واتعظوا، ففرعون مجموعة من الجرائم ساعده قومه على ارتكابها، تحت شعار الحفاظ على سنة الآباء، التي لا يستفيد منها سوى فرعون وطابور كهنته الذين يطبخون له الفتوى التي يريد! لقد أجرى فرعون الدماء على جذوع النخل وفي البيوت وفي القصور وجحد بآيات الله وكل ذلك من أجل حماية شذوذه وامتلك فرعون الكثير، ولكن هيهات هيهات. لقد انهالت على السهل أعاصير الشتاء فدمرت ما كانوا يعرشون، وقلب البحر الهائج سطحه، وهبط فرعون وقومه إلى الجحيم ليصبحوا عبرة لأصحاب المداخل المسدودة الذين يدونون أوراق الفقه الواحد، الذي يعبر عن وجهة نظر فرعونية.. قادرة على امتصاص جميع الأهواء وصهرها في قالب ذهبي واحد!
(٢٥١)