بدقة وفي وقت قصير، وما إن تحرك ركب بني إسرائيل خارج المنطقة حتى علم فرعون بهذا التحرك. يقول تعالى: (فأرسل فرعون في المدائن حاشرين * إن هؤلاء لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغائظون * وإنا لجميع حاذرون) (202) قال المفسرون: لما علم فرعون بذلك أرسل في (المدائن) التي تحت سلطانه رجالا (حاشرين) يحشرون الناس ويجمعون الجموع. قائلين للناس: إن (هؤلاء) بني إسرائيل لشرذمة قليلون (وإنهم لنا لغائظون) يأتون من الأعمال ما يغيظوننا به (وإنا لجميع) مجموع متفق فيما نعزم عليه (حاذرون) نحذر العدو أن يغتالنا أو يمكر بنا وإن كان ضعيفا قليلا.
وبعد أن قال فرعون هذا ونقلت أبواق دعايته بلاغة هرولت الجموع الفرعونية ووقفت صفوفا وراء فرعون، وانطلق الجميع وراء موسى وقومه يقول تعالى: (فأخرجناهم من جنات وعيون * وكنوز ومقام كريم) (203) قال المفسرون: لما كان خروجهم عن مكر إلهي. بسبب داعية الاستعلاء والاستكبار التي فيهم، نسب سبحانه إلى نفسه أنه أخرجهم من قصورهم المشيدة وبيوتهم الرفيعة (204) وبدأ جيش الاستكبار يشق الظلام ليدخل في ظلام. وموسى عليه السلام ينطلق بقومه في اتجاه البحر. يقول تعالى: (فأتبعوهم مشرقين * فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين) (205) قال المفسرون: تقدمت جحافل فرعون التي فيها أهل الحل والعقد والأمراء والوزراء والكبراء والرؤساء والجنود ولحقوا ببني إسرائيل (مشرقين) أي داخلين في وقت شروق الشمس وطلوعها (فلما تراءى الجمعان) أي دنا بعضهم من بعض. فرأى كل من الجمعين الآخر (قال أصحاب موسى) من بني إسرائيل خائفين فزعين (إنا لمدركون) سيدركنا جنود فرعون. قال موسى كلا لن يدركونا (إن معي ربي سيهدين) والمراد بهذه المعية، معية الحفظ والنصرة. وهي التي وعدها له ربه أول ما بعثه وأخاه إلى