قال المفسرون: كان قومه قد نهوه أن يضيف رجلا، وعندما علموا بمن عنده. أسرعوا إليه فرحين بذلك (62) ومن قبل ذلك كانوا يقترفون المعاصي ويأتون بالمنكرات. فكانوا مجترئين على إيقاع الفحشاء. معتادين بذلك لا ينصرفون عنه بصارف. ولا يحجبهم من ذلك استحياء أو استشناع. ولا ينزجرون بموعظة أو ملامة أو مذمة. لأن العادة تسهل كل صعب وتزين كل قبيح ووقيح (63) ولما رآهم تجمعوا على الشر لا يصرفهم عن ذلك مجرد القول بعظة أو إغلاظ في الكلام. أراد أن يصرفهم عنه بتبديل ما يريدون من الفحشاء مما لا معصية فيه من الحلال فعرض بناته عليهم.. وقيل إن المراد بقوله (هؤلاء بناتي) الإشارة إلى نساء القوم لأن النبي أبو أمته فنساؤه بناته كما أن رجالهم بنوه (64) وكان عليه السلام يريد أن قصد الإناث وهو سبيل فطري، خير لهم وأطهر من قصد الذكور من طريق الفحشاء (65) وبعد أن ردهم إلى الطريق الفطري قال لهم: (اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي) قال المفسرون: أضاف الضيف إلى نفسه (66). وذكر الخزي الوارد عليه من التعرض لهم، كل ذلك رجاء أن يهيج صفة الفتوة والكرامة فيهم، ولذلك عقب ذلك بالاستغاثة والاستنصار بقوله: (أليس منكم رجل رشيد) لعله يجد فيهم ذا رشد إنساني فينتصر له وينجيه وضيوفه من أيدي أولئك الظالمين. لكن القوم لم يؤثر ذلك فيهم أي أثر وأجابوه بما آيسوه به (67): (قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) هذا جواب القوم عما دعاهم إليه لوط من النكاح المباح. أخبروه أن ما يدعوهم إليه ليس حقا لهم، وهو يعلم ذلك ويعلم ما هو بغيتهم في هذا الهجوم وماذا يردون. فلوط يعرف ما يريدون لأنه كان ينهاهم عن سنتهم القومية الجارية بينهم ويقول لهم: (إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء) (68) (أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق
(١٤٤)