والصبح هو صدر النهار بعد طلوع الفجر حين الشروق كما قال تعالى في موضع آخر: (فأخذتهم الصيحة مشرقين) (87) وقال المفسرون في قوله: (إن موعدهم الصبح...) ومن الجائز أن يكون لوط عليه السلام يستعجلهم في عذاب القوم فيجيبوه بقولهم: (إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) أي أن المقدر أن يهلكوا بالصبح وليس موعدا بعيدا، أو يكون الجملة الأولى: (إن موعدهم الصبح) استعجالا من الملائكة. والثانية: (أليس الصبح بقريب) تسلية منهم للوط في استعجاله (88). وبالجملة. بدأ لوط عليه السلام يستعد للخروج ليلا قبل أن يهل الصبح، وبدأت الملائكة تقدم للوط إرشادات السير والمحل الذي يتوجهون إليه. (فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون) (89) قال المفسرون: والمعنى. وإذا جئناك بعذاب غير مردود وأمر من الله ماض يجب عليك أن تسير بأهلك ليلا.
وتأخذ أنت وراءهم لئلا يتخلفوا عن السير. ولا يلتفت أحد منكم إلى ورائه.
وامضوا حيث تؤمرون. وفيه دلالة على أنه كانت أمامهم هداية إلهية تهديهم وقائد يقودهم (9).
وبدأت قافلة الهداية تخرج من القرية الظالمة. ولم تكن قافلة الهداية جموعا غفيرة. لقد كان عددها قليلا قليلا. لكنها كانت تحمل الإيمان بالله.
يقول تعالى: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) (91) قال المفسرون: البيت هو بيت آل لوط (92) بيت واحد في مدن عامرة. وقد روي كما جاء في الدر المنثور أن عدد أهل هذه القرى كان أربعة آلاف ألف (93) وإن كان العدد فيه أقوال كثيرة للمفسرين إلا أن كثرة الباطل ثابتة ونسبته عالية، حيث لم يخرج من القرى الخمس إلا لوطا وأهل بيته. والمعنى