أفضل، قال أبو حنيفة: هذا قول جدك، ولو حولت دين جدك، لكان أن المرأة إذا طهرت من الحيض أمرتها أن تقضي الصلاة، ولا تقضي الصوم.
ثم البول أنجس أم النطفة؟
قال الإمام الباقر: البول أنجس، قال أبو حنيفة: لو كنت حولت دين جدك بالقياس، لكنت أمرت أن يغتسل من البول، ويتوضأ من النطفة، ولكن معاذ الله أن أحول دين جدك بالقياس.
فقام الإمام الباقر، وعانقه، وقبل وجهه.
ويقول الشيخ أبو زهرة (1898 - 1974): ومن هذا الخبر نتبين إمامة الإمام الباقر للعلماء، يحضرهم إليه، ويحاسبهم على ما يبلغه عنهم، أو يبدو منهم، وكأنه الرئيس يحكم مرؤوسيه ليحملهم على الجادة، وهم يقبلون - طائعين غير مكرهين - تلك الرياسة (1).
غير أن المصادر الشيعية إنما ترى في هذه المناقشة أمورا ثلاثة:
الأول: أن أبا حنيفة كان يعمل بالقياس بلا شك، وعليه فقضية محاورته مع الإمام الباقر، عليه السلام، في أمر القياس، لا تخرج عن أن يكون محملها أحد أمور ثلاثة على سبيل مانعة الخلو، فإما أن تكون قبل أن يتشبع ذهن أبي حنيفة من فكرة العمل بالقياس، أو يكون عمله بالقياس فيما لا نص فيه من الشارع، أو تكون قضية هذه المحاورة مكذوبة على الإمامين الباقر وأبي حنيفة.
غير أن الاحتمال الثاني ضعيف، لأن من المسلم به أن مورد عملهم بالقياس، إنما هو فيما لا نص فيه، فيبقى الاحتمال الأول والثالث، ولا يبعد أن يكون الثالث هو الأقرب.