أمم الشرق والغرب، ولا كان للإسلام هذه المكتبة المتخمة بألوف المجلدات في شتى العلوم، ولسنا نعرف أمة خدمت الإسلام، ولغة القرآن كالفرس، ولو أحصيت المكتبة الإسلامية والعربية، لكان سهم الفرس منها أوفى من أسهم بقية المسلمين مجتمعين، إن الفرس لم يتستروا باسم التشيع، ليكيدوا للإسلام، بل إن أعداء الإسلام تستروا باسمه، ليكيدوا للتشيع بعامة، والفرس بخاصة، لأنهم كانوا من أقوى أركان الإسلام وأنصاره (1).
وعلى أية حال، فإن أساس التشيع، إنما هو الاعتقاد بأن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - إنما هو أحق الناس بالخلافة، وإذا كان الخليفة يجمع بين شؤون الدين والسياسة، فالخلاف بين الشيعة وغيرهم، إنما هو خلاف ديني وسياسي، وقد شغلت المشكلات السياسية المجال الأول من عناية المسلمين، ثم لابستها وامتزجت بها الاعتبارات الدينية، كعامل من عوامل الاختمار، حتى تحولت الاعتبارات الدينية إلى مؤثرات فعالة وعناصر قوية، أعانت على الصراع والخلافة (2).
هذا وقد بدأ التشيع يحدد خطوطه ومناهجه على أيدي جماعة من كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم - من أمثال عبد الله بن عباس، وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وجابر بن عبد الله، وأبي بن كعب، وبريدة، وأبو أيوب الأنصاري، وسهل بن حنيف، وعثمان بن حنيف، وأبو الهيثم بن التيهان، وأبو الطفيل، والبراء بن عازب، وعبادة بن الصامت، وجميع بني هاشم (3).
وحذيفة بن اليمان وغيرهم - ثم سرعان ما أدت كراهية الموالي للأمويين وسياستهم، إلى أن ينادي موالي الفرس - وهم الذين يؤمنون بنظرية الدم الملكي