الأمر، إلا القليل منهم، وجل علماء السنة وأجلاؤهم من الفرس - كالبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة، والرازي وفخر الدين الرازي وسيبويه والخوارزمي والفارابي والقزويني والسمرقندي والسجستاني والنسفي والهمذاني، هذا فضلا " عن الإمام الأكبر أبي حنيفة النعمان صاحب المذهب، والإمام مسلم والدارقطني، والبيضاوي، وصاحب القاموس والزمخشري والتفتازاني، وأبي القاسم البلخي والقفال والمروزي والشاشي والنيسابوري والبيهقي، والجرجاني والراغب الأصفهاني والخطيب التبريزي - وغيرهم ممن لا يبلغهم الإحصاء بل يمكن القول أن دين العربية (الإسلام) وعلم العربية لم يخدما بأكثر مما سطره علماء وفقهاء ومحدثون من الفرس، من أمثال هؤلاء الأعلام، الذين ذكرنا بعضا " منهم آنفا ".
وأما من دخل الإسلام من الفرس وتشيع، فحاله حال من تشيع من سائر الأمم - كالعرب والترك والروم وغيرهم - لا باعث له، إلا حب الإسلام، وحب آل الرسول، فأسلم وتشيع عن رغبة واعتقاد، وإذا جاز أن يقال: إن الفرس تشيعوا كيدا " للإسلام، لأنه قهرهم، جاز أيضا " أن يقال: إن غير الفرس تسننوا كيدا " للإسلام، لأن الإسلام غلب وقهر الجميع، وليس الفرس وحدهم.
والحقيقة أن بعض الفرس دان بالتشيع للسبب الذي دان به غيرهم بالتشيع، وبعضهم دان بالتسنن للسبب الذي دان به غيرهم بالتسنن، سنة الله في خلقه، هذا إلى أن الأشعريين، هم الذين نشروا التشيع في قم (1) وأطرافها، وهم عرب صميمون هاجروا إليها من الكوفة على أيام الحجاج الثقفي (2)،