الإسلام، فقد هاجر إليها كثيرون من علماء الإسلام الذين كانوا يتشيعون، فرارا " بعقيدتهم من الأمويين أولا "، ثم العباسيين ثانيا "، وأن التشيع كان منتشرا " في هذه البلاد انتشارا " عظيما " قبل سقوط الدولة الأموية (عام 132 ه / 750 م) بفرار أتباع الإمام زيد بن علي زين العابدين، ومن قبله إليها، ولذلك وجدت الدعوة الشيعية التي انتحلها دعاة العباسيين رواجا " عظيما " فيها، ومنهم نبتت قوة الدولة، وقادة الحرب، التي أدال الله تعالى بهم من حكم الأمويين، ومسلم الخراساني، هو القائد المظفر الذي أسلم صولجان الحكم إلى العباسيين، قد كان فيه تشيع لآل علي، كرم الله وجهه، ولعله من أجل ذلك وغيره قتله المنصور الذي كان يتغدى بمن يخافه قبل أن يتعشاه، وقد كثر التشيع في إيران في مصر ملوك الدولة الصفوية وفي الجملة، فلقد كثر التشيع في بلاد خراسان وما وراءها، وخصوصا " عندما جاء إليها الإمام علي الرضا مع الخليفة المأمون (198 - 218 ه / 813 - 833 م)، والإمام الرضا هو أحد الأئمة الاثني عشر، الذين يدين بإمامته الإثنا عشرية، فقد مات في هذه الرحلة، ودفن وقبره بطوس (مشهد الحالية)، ولذا كانت هذه المدينة شيعية، تقصدها طوائف الاثني عشرية لزيارة قبر الإمام الرضا (1).
وهكذا فإن الذي اجتذب الفرس وغير الفرس إلى التشيع إنما هو الإسلام الصحيح، وحب الرسول وآله، واستشهاد الأخيار في سبيله، وملاءمته للحياة، ومناصرته للضعفاء والمضطهدين، لقد كان الفرس - منذ عهد الصفوين وإلى اليوم - من أقوى الدعائم الشيعية، ومذهب التشيع، وهذا هو السر الذي بعث خصوم الشيعة، على أن يصوروا الفرس، وكأنهم أعدى أعداء الإسلام، مع أنه لولا الفرس لم يكن للمسلمين هذا العدد الضخم من العلماء الذين تفاخر بهم