الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٤٠٩
فاجعة كربلاء، فنحن لا يمكننا أن نفسر دعوة شيعة الكوفة للإمام الحسين، ثم خذلانهم له، إلا بضعف العقيدة في نفوسهم وقت ذاك ذلك لأن العقيدة لم تكن قد اختمرت في نفوسهم، ولا تملكت قلوبهم، ولكن الحال قد اختلف بعد مقتل الإمام الحسين، فقد كانت دماؤه أبعد أثرا " من دماء أبيه الإمام علي في نمو حركة الشيعة وازدياد أنصارها، بل يمكننا أن نقول: إن الحركة الشيعية إنما بدأ ظهورها في العاشر من المحرم عام 61 ه‍ (10 أكتوبر عام 680 م) وصبغت مبادئ الشيعة بصبغة دينية، فاتجهت الشيعة بعد مقتل الإمام الحسين اتجاها " دينيا "، بل غلب الجانب الديني في التشيع الجانب السياسي (1).
وهكذا نرى أن حركة التشيع كانت ما تزال متعثرة في طريقها - حتى كارثة كربلاء - لأن التشيع في نظر أهل العراق إنما كان مرتبطا " بذكرى حكم الإمام علي، الذي يمثل زعامة العراق بين الأمصار (2)، ثم كان لاستشهاد الإمام الحسين، عليه السلام، أثر كبير في نفوس شيعته، وقد أغنت هذه الحادثة الأدب العربي بالروائع، وألفت الكتب الكثيرة في مقتل الإمام الحسين (3).
وهكذا كان تبلور الحركة السياسية تحت اسم الشيعة بعد استشهاد الإمام الحسين مباشرة (4)، ومن ثم فقد أصبحت كلمة الشيعة - بعد مقتل الحسين - تطلق مفردة، فيقال الشيعة، ولا يقال شيعة علي أو شيعة الحسين، وهذا يعني أن مفهوم الشيعة كجماعة بدأ في الوضوح والتحديد (5)، ويذهب الشيخ المفيد إلى أن كلمة شيعة إذا دخلت عليها أل التعريف، فهي على

(١) علي حسني الخربوطلي: تاريخ العراق في ظل الأمويين ص ١٢٣، أحمد صبحي: المرجع السابق ص ٤٨ - ٤٩.
(٢) الدوري: مقدمة في صدر الإسلام ص ٦١.
(٣) أنظر كأمثلة (ابن طاووس: كتاب اللهوف في قتلى الطفوف، ابن نما الحلي: كتاب مثير الأحزان، الخوارزمي: كتاب مقتل الحسين، جمال الطاووس: عين العبرة في غبن العترة).
(4) الشيبي: المرجع السابق 1 / 17.
(5) نبيلة عبد المنعم داوود: المرجع السابق ص 76.
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»
الفهرست