هذا ويضيف الأستاذ الدكتور الشيبي إلى ذلك دليلا " جديدا "، ذلك أن الإمام الطبري في تطرقه لحرب الجمل قد عرض لأنصار علي فيها، فكان إذا عدهم وذكر اسم عمار في جملتهم، أغفل ذكر ابن السوداء، وإذا ذكر ابن السوداء تحاشى اسم عمار، مما يرجح أن الرجلين إنما هما شخص واحد.
وهكذا نخرج من هذا الاستطراد بأن عمار بن ياسر، إنما كان ثائرا " على عثمان، وأنه استطاع أن يحقق ما صبا إليه من إعادة الإسلام إلى قالبه الأصيل، وإرجاع الأمر إلى علي، بحسب وصية النبي صلى الله عليه وسلم التي كان عمار يؤمن بها، وجلية الأمر في معارضة عمار لعثمان أنه كان يرى بأن الإسلام قد جاء لإزالة الفروق بين الطبقات، وبمعنى آخر لنشر العدالة الاجتماعية، فضلا " عن الإصلاح الروحي والعقلي.
وقد طبق أبو بكر وعمر خطة الرسول صلى الله عليه وسلم، فرأينا عمارا " ساكتا " عن معارضتهما - مع علي وأبي ذر وغيرهما من المتمسكين بجوهر الإسلام - وقد أتاحت هذه العدالة والمساواة للعبيد السابقين والمستضعفين أن يرتفعوا - بإخلاصهم وإيمانهم - إلى المراكز العليا في الإسلام، فكان سلمان أميرا " على المدائن، وعمار أمير الحرب في الكوفة، وكان غيرهما في مثل مركزهما.
هذا وقد استعمل عمر بن الخطاب عمارا " على الكوفة، وكتب إلى أهلها:
أما بعد، فإني قد بعثت إليكم عمارا " أميرا "، وعبد الله بن مسعود وزيرا " ومعلما "، وهما من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
ولما عزله عمر قال له: أساءك العزل، قال: والله لقد سائتني الولاية، وساءني العزل (1).
ويروي ابن سعد وغيره: قال عمر لعمار: أساءك عزلنا إياك؟ قال: لئن