وروى ابن سعد في طبقات بسنده عن هنى مولى عمر بن الخطاب قال:
كنت أول شئ مع معاوية، فكان أصحاب معاوية يقولون: لا والله لا نقتل عمارا " أبدا "، إن قتلناه فنحن كما يقولون، فلما كان يوم صفين ذهبت أنظر في القتلى، فإذا عمار بن ياسر مقتول، فقال هنى: فجئت إلى عمرو بن العاص، وهو على سريره، فقلت: أبا عبد الله، قال: ما تشاء، قلت أنظر أكلمك، فقام إلي فقلت: عمار بن ياسر ما سمعت فيه؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقتلك الفئة الباغية، قلت هوذا والله مقتول، فقال: هذا باطل، فقلت: بصر عيني به مقتول، قال: فانطلق فأرنيه، فذهبت به فأوقفته عليه، فساعة رآه انتقع لونه، ثم أعرض في شق، وقال: إنما قتله الذي خرج به (1).
وروى ابن سعد في طبقاته بسنده عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عمارا " الفئة الباغية، قال عوف (راوي الحديث): ولا أحسبه إلا قال: وقاتله في النار (2).
وقال الإمام علي حين قتل عمار: إن امرأ من المسلمين لم يعظم عليه قتل ابن ياسر، وتدخل به عليه المصيبة الموجهة لغير رشيد، رحم الله عمارا " يوم أسلم، ورحم الله عمارا " يوم قتل، ورحم الله عمارا " يوم يبعث حيا "، لقد رأيت عمارا "، وما يذكر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أربعة إلا كان عمار رابعا "، ولا خمسة إلا كان خامسا "، وما كان أحد من قدماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشك أن عمارا " قد وجبت له الجنة في غير موطن ولا اثنين، فهنيئا " لعمار بالجنة، ولقد قيل إن عمارا " مع الحق، والحق معه، يدور عمار مع الحق أينما دار، وقاتل عمار في النار (3).