وفي مسند الإمام علي بن أبي طالب عن أبي مريم عن علي قال:
انطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أتينا الكعبة، فقال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم: إجلس، وصعد على منكبي فنفضته، فنزل، وجلس لي نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إصعد على منكبي، قال: فنهض بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه ليخيل إلي أني لو شئت لنلت أفق السماء، حتى صعدت على البيت، وعليه تماثيل صفر أو نحاس، فجعلت أزاوله يمينا " وشمالا "، ومن بين يديه ومن خلفه، حتى إذا استمكنت منه، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إقذف به، فقذفت به، فتكسر، كما تكسر القوارير، ثم نزلت، فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم، نستبق حتى توارينا بالبيوت، خشية أن يلقانا أحد من الناس (1).
ويقول الطبري (2): وما يهمنا هنا في هذا الخبر: أن عليا " رحمه الله، أخبر أنه حين رمى بالصنم من فوق الكعبة فتكسر، نزل فانطلق هو و رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسعيان حتى استترا بالبيوت، خشية أن يعلم بهما أحد، ولا شك أنهما لم يخشيا أن يعلم ما كان منهما من الفعل بالصنم أحد من المشركين، إلا كراهة أذاهم على أنفسهما، وأن يلحقهما منهم مكروه، لما كان فعلا بصنمهم.
وكذلك القول على كل خائف على نفسه من فرط أذى من لا طاقة له به، أن يناله به في نفسه، إذا هو غير هيئة بعض ما وجده معه، أو مع بعض أشيائه من الأشياء التي لا تصلح إلا لأن يعصى الله به، وهو بهيئته، في أنه في سعة من ترك تغييره عن هيئته، حتى يأمن ذلك على نفسه، فإذا أمن على نفسه، كان له تغييره من الهيئة عن هيئته، حتى يأمن من ذلك على نفسه، فإذا أمن على نفسه، كان له تغييره من الهيئة المكروهة إلى غيرها من الهيئات التي تصلح لغير معصية الله.