رسول الله صلى الله عليه وسلم، في خيرهما شعبة، ولا افترقت فرقتان، إلا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أكرمهما فرقة، ومن ثم كان أهل بيت النبوة، سلالة النبي صلى الله عليه وسلم، أهل الحسب والنسب، والطهر والشرف، لا يلوثهم رجس، ولا ينالهم دنس، فلقد طهرهم الله - فضلا " منه وكرما " - ثم دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس، وطهرهم وتطهيرا ".
ويقول العارف بالله محيي الدين بن عربي (560 - 638 ه) في كتابه الفتوحات الملكية: ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبدا " محضا "، قد طهره الله تعالى، وأهل بيته، تطهيرا "، وأذهب عنهم الرجس قال الله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ") * (1)، فلا يضاف إليه إلا مطهر، ولا بد، فإن المضاف إليهم هو الذي يشبههم، فما يضيفون لأنفسهم، إلا من له حكم الطهارة والتقديس، وأهل البيت هم المطهرون، بل هم عين الطهارة، فهذه الآية إنما تدل على أن الله تعالى قد شرك أهل البيت، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قول الله تعالى: * (ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر) * (2).
وهكذا طهر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالمغفرة، مما هو ذنب بالنسبة إلينا، لو وقع منه صلى الله عليه وسلم، لكان ذنبا " في الصورة - لا في المعنى - لأن الذنب لا يلحق به على ذلك، من الله تعالى، ولا منا شرعا "، فلو كان حكمه حكم الذنب لصحبه ما يصحب الذنب من المذمة، ولم يكن يصدق قول الله تعالى: * (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ") *.
ومن ثم فقد دخل الأشراف أولاد سيدة نساء العالمين - السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام - كلهم إلى يوم القيامة في حكم هذه الآية من الغفران، فهم المطهرون باختصاص من الله تعالى، وعناية بهم، لشرف محمد صلى الله عليه وسلم،