وهذا نقد لا يثبت للنقد، لأن الرازي قد اعترف في المثال الذي أورده، أن بعض مشيخة قريش قد أنفوا رياسة أسامة، اعتقادا " منهم بأفضليتهم، أو بوجود من هو أفضل منه، مع أنهم بذلك قد عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم هم راجعوا أبا بكر في أمر سياسة أسامة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا ما يدل على أن رياسة المفضول يمجها الذوق والعرف العام، هذا فضلا " عن أن ما ذكره الرازي لتبرير إمامة المفضول متهافت كذلك، لأنه إذا كان تواضع الأفضل يسهل انقياد الرعية للأمير المفضول، فإنه من ناحية أخرى، يشجع المفضول الذي تقل درجته في الفضل - إلى حد الفسق - أن يغلب على أمر المسلمين بالقوة، مستندا " إلى تواضع الأفضل، أو سكوته على الحق، وهذا ما تم بالفعل في أمر الخلافة منذ تولاها الأمويون.
والواقع أن متكلمي أهل السنة وفقهاءهم، لم يسلموا بجواز إمامة المفضول، مستندين إلى أصل من أصول الدين، ولكنهم جوزوا ذلك، إما تبريرا " لسلطان الخلفاء، ولخلع الصفة الشرعية على خلافتهم، وإما على سبيل معارضة آراء خصومهم من الشيعة، ليس إلا.
ولعل هذا إنما يبدو واضحا " - كل الوضوح - إذا رجعنا إلى رأي ابن حزم وموقفه العجيب من الإصرار على جواز إمامة المفضول، زاعما " أن معرفة الأفضل لا يمكن الوصول إليها، إلا بالظن، والظن لا يغني من الحق شيئا "، ثم إن قريشا " قد كثرت وطبقت الأرض من أقصى الشرق إلى أقصى