فالإمام الشيعي إذن، ليس شخصا " عاديا "، وإنما هو فوق الناس، فهو المشرع، وهو المنفذ لا يسأل عما يفعل، لأنه معصوم من الخطأ، بسبب ما ورثه من علوم لدنية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك نوعان من العلوم: علم الظاهر، وعلم الباطن، أي ظاهر القرآن وباطنه، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم، الإمام علي بن أبي طالب هذين النوعين من العلوم، فأطلعه على خفايا الكون، والسر المكنون من هذه العلوم، وكل إمام ورث هذه العلوم لمن جاء بعده، ولهذا كان الإمام معلما " أكبر.
والثاني: الوصية أو النص على ولاية العهد، والخلافة الفاطمية - شأنها شأن أية خلافة شيعية - إنما ترى أن الإمام علي يستحق الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الكفاية، فضلا " عن النص عليه بالاسم.
ومن ثم فإن الإمامة ليست من المصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأمة، وإنما هي ركن الدين والإسلام، ولا يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم، أن يتركها للأمة، بل كان عليه تعيين إمام لهم معصوما " من الخطأ، وأن الإمام علي بن أبي طالب، هو الإمام الذي عينه النبي صلى الله عليه وسلم، بعده، ويستشهدون على ذلك بحديث الغدير والموالاة والمنزلة وغيرها من الأحاديث.
ومن هنا نشأت فكرة الوصية، ولقب الإمام علي بالوصي، بينما لقب من جاء بعده من الأئمة بلقب الإمام، ومرتبة الوصاية أعلى من مرتبة الإمامة، وأقل من مرتبة النبوة، ثم انتشرت الوصية بين الشيعة، فقالوا: إن الإمامة تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وليس من الأخ إلى الأخ - بعد أن انتقلت من الحسن إلى الحسين - فالأب ينص على ابنه في حياته، وليس بالضرورة أن يكون الابن الأكبر، فالإمام يستطيع أن ينص على أي ابن له، فهذا أمر يخصه وحده، لأنه يتلقى علمه من الله عز وجل (1).