بمقعدهم خلاف رسول الله) * (1). هذا وقد ظن بعض الغالطين - كابن العربي - أن الخليفة هو الخليفة عن الله، مثل نائب الله، وزعموا أن هذا بمعنى أن يكون الإنسان مستخلفا "، وربما فسروا تعليم آدم الأسماء كلها التي جمع معانيها الإنسان، ويفسرون خلف آدم على صورته بهذا المعنى أيضا "، وقد أخذوا من الفلاسفة قولهم: الإنسان هو العالم الصغير، وهذا قريب، وضموا إليه:
أن الله هو العالم الكبير، بناء على أصلهم الكفري في وحدة الوجود، وأن الله هو عين وجود المخلوقات، فالإنسان من بين المظاهر، هو الخليفة الجامع الأسماء والصفات (2).
ثم يقول ابن تيمية: والله لا يجوز له خليفة، ولهذا لما قالوا لأبي بكر:
يا خليفة الله، قال: لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسبي ذلك، بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا، واخلفنا في أهلنا.
وبدهي أن ذلك لأن الله تعالى، حي، شهيد، مهيمن، قيوم، رقيب، حفيظ، غني عن العالمين، ليس له شريك ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه.
والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف، بموت أو غيبة، ويكون لحاجة المستخلف إلى الاستخلاف، وسمى خليفة، لأنه خلف عن الغزو، وهو قائم خلفه، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالى، وهو منزه عنها، فإنه حي قيوم، شهيد، لا يموت ولا يغيب، وهو غني يرزق ولا يرزق، يرزق عباده وينصر هم ويهديهم ويعافيهم، بما خلقه من الأسباب التي هي من خلقه، والتي هي مفتقرة إليه، كافتقار المسببات إلى أسبابها، فالله هو الغني الحميد له منا في