والآية الشريفة جعلت المحاربين أربعة أنواع: محارب قتل فجزاؤه القتل، ومحارب قتل وسرق فجزاؤه الصلب، ومحارب سرق فجزاؤه القطع ومحارب أخاف السبيل، فجزاؤه النفي.
وقال بعض الفقهاء: لا توزيع في هذه العقوبات، وللإمام أن يحكم بأية واحدة، حسبما يراه من المصلحة، وإن كانت لهم فئة يرجعون إليها، كانوا بغاة، ولهم أحكام خاصة.
ثم ذكر سبحانه وتعالى في الآية التالية مباشرة: أنه من تاب من قبل القدرة عليه، فقد عفا الله عنه، ومن ثم فيلزم الإمام أن يدعوهم إلى طاعته، قبل أن يبدأهم بالقتال، وقد فعل ذلك سيدنا ومولانا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة، مع من خرجوا عليه من الحروريين (خوارج)، بل ومن خرجوا قبلهم، من أهل الجمل وصفين (1).
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هناك من العلماء من لم يفرق بين طاعة الأمير، في غير معصية الله، وبين استذلال الأمير للناس وقهرهم، وربما كان الأفظع والأدهى من ذلك ما نقرأه من تبرير لتسلط هؤلاء على الأمة، حتى انبرى بعضهم لتبرير مواقف بعض الحكام الظلمة، بل لا يجيز الخروج على الفاسق، كما فعل حجة الإسلام الإمام الغزالي (450 - 505 ه / 1058 - 1111 م)، وأبو بكر محمد بن الحسن بن فورك (ت 406 ه) - المتكلم الأصولي -.
هذا وقد جوز ابن فورك بعثة من كان كافرا "، وقال الغزالي في المنحول