الحقائق الإسلامية في الرد على المزاعم الوهابية - حاج مالك بن الشيخ داود - الصفحة ٥٣
الآيات المكتوبة. وشأن هذه الآيات المستشفية بها، شأن غيرها من الأدوية الأخرى و كلها لا تأثير لها في دفع الشر ولا في جلب الخير إلا ما كان من توفيق الله تعالى. هذا وليس من المعقول أن تكون العقاقير التي نروح ونغدوا إلى الصيدليات لشرائها طلبا للشفاء، أكثر أهمية وأعظم عند الله درجة من المعوذات وآيات الشفاء التي نكتبها هي أيضا لنفس الغرض. فكل من الآيات المكتوبة والعقاقير المشروبة والعمليات الجراحية المستعملة لا قوة لها في حد ذاتها لدفع المرض أو استعادة الصحة ولكنها أسباب ووسائل ليس إلا!
فالشافي الحقيقي إنما هو الله وحده. ولقد أجاد من قال:
إن الطبيب لذو علم ومعرفة * ما دام في أجل الإنسان تأخير حتى إذا ما انقضت أيام مدته * حار الطبيب وخانته العقاقير أما احتجاج الوهابيين بالحديث القائل: (من علق تميمة فقد أشرك.) والحديث القائل: (من علق تميمة فلا أتم الله له ومن علق ودعة فلا ودع الله له.) فهو - على ما أعتقد - من الوهم اللغوي عندهم لأن التمائم معناها في اللغة " خرزات " وهي ما ينظم في السلك من الجذع والودع وما يشبهها وقد كان الأعراب في الجاهلية يضعونها على أولادهم للوقاية من العين ودفع الأرواح فلما جاء الإسلام نهاهم الرسول عن ذلك.
وعلى هذا فإن المراد بالتمائم والوع في الحديث المذكور إنما هي تمائم الجاهلية و ودعهم التي كانوا يعلقونها قبل الإسلام ولا يتصور حمل هذه الأحاديث على ما يكتبه المشايخ من الآيات القرآنية والأسماء الإلهية للتعوذ بالله أو لطلب الخير منه لما سبق ذكره من أحاديث وآيات الشفاء ولعدم التجانس بين هذه وتلك!
وشتان بين خرزة مثقوبة وورقة مكتوبة بحروف عربية ذات معنى صحيح مطابق بقوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها * الأعراف: 180) والدعاء سواء كان باللفظ أو بالكتابة وسواء للدنيا أو للآخرة كله جائز لقوله تعالى: (ادعوني أستجب لكم * المؤمن: 60) ولما في الحديث: (الدعاء مخ العبادة) هذا وينبغي استمرار المنع لخصوص تلك الجذع والودع التي ما زال بعض العوام يستعملونها حتى اليوم. ويجب منعها إياهم تبعا للأحاديث الصحيحة الواردة في عين هذه
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»