الحقائق الإسلامية في الرد على المزاعم الوهابية - حاج مالك بن الشيخ داود - الصفحة ٤٢
الوهابية ونفيها بتقليد أئمة المذاهب ينتهج الوهابيون المتطرفون في هذه المسألة نهجا خارقا للإجماع ومعارضا لأقوال العلماء وآراء الفقهاء. وذلك أنهم ينكرون أئمة المذاهب وكتبهم الفقهية وينفون التقليد بهم والتقيد بمذاهبهم زاعمين أن لهم الحق في استنباط الأحكام والمسائل من القرآن والحديث مباشرة دون التقيد بمذهب من المذاهب أو التقليد بإمام من أئمة الدين.
وهذا - في الواقع - تلبيس عظيم غروا به العوام من الجهال وصغار الطلبة حتى أوقعوهم من حيث لا يخرجون. وقد يكون دافعهم الوحيد إلى هذا التلبيس هو محاولة تعطيل هذه المذاهب الأربعة والقضاء عليها ليفسحوا المجال أمامهم كي يتسنى لهم تحقيق أغراضهم الشخصية المتمثلة في حب الظهور وعدم اعتراف الغير.
كما يحاولون من خلال توجيهاتهم السخيفة إلى تضليل العوام عن دور هذه المذاهب وتصريفهم عن تعلم الفقه والاهتمام به كوسيلة لمعرفة شرائع الإسلام وأحكام العبادات بينما لا يمكن تعطيل هذه المذاهب ولا الاستغناء عنها لأنها قد وضعت خصيصا لتفصيل وتبيين ما جاء في القرآن الكريم والحديث النبوي مجملا من أحكام العبادات و المعاملات. بل ولا يصح الإسلام بالنسبة لنا - نحن الخلق - إلا بتقليد أئمة المذاهب رضوان الله عليهم. وليس بالاجتهاد الفوضوي كما يزعمه بعض الجهلة ولا يخفى أن العلماء متفقون على أن الخارج عن المذاهب الأربعة ضال مضل وربما أداه ذلك إلى الكفر لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر ولأن كثيرا من القرآن والأحاديث ما ظاهره صريح الكفر، (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم... * آل عمران: 7) ولا ينبغي اتهام الأئمة الأربعة في ترك السنة وهم أرباب العلم والورع و الكشف والإنصاف وأحرص الناس على اتباع سنة رسول الله وقد بنى الإمام مالك رضي الله عنه مذهبه على أربعة أشياء: آية قرآنية، وحديث صحيح، وإجماع أهل المدينة، واتفاق جمهورهم.
وقد أجمع أهل السنة على وجوب التقليد على من ليس فيه أهلية الاجتهاد وقد
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»