فسلم عليه فقال (وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل) فصلى ثم جاء فسلم فقال (وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل) فصلى ثم جاء فسلم فقال (وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل) فقال في الثانية أو في الثالثة علمني يا رسول الله فقال (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) وزاد في رواية أخرى (فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك وإن انتقصت منها فإنما انتقصت من صلاتك.) هذه كيفية للصلاة بتمامها ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيها القبض وصح الاستدلال بهذا الحديث على أن كلما ذكر فيه واجب لا تصح الصلاة بدونه وما لم يذكر فيه فليس بواجب وهو صلى الله عليه وسلم كان يومئذ بمقام تعليم الواجبات في الصلاة ولا يجوز في حقه أن ينسى شيئا منها أو يقتصر بذكر بعضها دون البعض.
وكذلك حديث أبي حميد الأنصاري الذي أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي وذلك أن أبا حميد كان في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أنا أعلم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: نعم فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعة ولا أقدمنا صحبة قال بلى قالوا: فاعرض، أي صف لنا صلاة النبي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا ثم يركع ويضع راحته على ركبتيه. وتابع أبو حميد رضي الله عنه في وصف صلاته مرتبا حتى أتى إلا التسليم قالوا كلهم صدقت هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم مع أنه لم يذكر فيها القبض وقد ذكر جميع الفرائض والسنن والمستحبات بالاستقصاء. وهذا الحديث أيضا حجة واضحة في السدل وحيث لم ينكر عليه الصحابة في عدم ذكر القبض ولم يناقشوه فيه - رغم أن المقام كان مقام احتجاج وامتحان - علمنا أنهم متفقون على أن القبض ليس لازما في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم.
أما قول مالك رضي الله عنه في الموطأ، " كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. " فإن هذا الحديث يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا قبل ذلك يسدلون وإلا كان أمرا بتحصيل الحاصل وهو عبث محال عليه صلى الله عليه وسلم.