التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٨٦
الثالث: لو نهى الله في كتابه عن النذر لغيره بصريح النهي لم يلزم منه كفر من نذر لغيره إجماعا، فكيف مع عدم نهيه عنه؟، وقد نهى الله في كتابه العزيز عن الربا والزنا وأكل أموال الناس بالباطل وحرمتها في دين الإسلام معلومة بالضرورة، وقد أجمع أهل الحق على عدم تكفير مرتكب واحد منها ما لم يكن مستحلا له.
الرابع: جهله الأمر والنهي، والأمر والخبر، والفرق بينها وجهله الخبر والإنشاء والفرق بينهما، فإنه قال في أول كلامه: (وأنواع العبادة التي أمر الله بها)، وذكر سبعة عشر مثالا بعضها خبر وبعضها أمر وبعضها نهي، ثم قال في آخره: (وغير ذلك من العبادة التي أمر الله بها كلها لله فجعلها كلها أوامر)، وهذه الآية التي احتج بها على كفر من نذر لغير الله خبر، وليست أمرا، والأمر قسم من أقسام الانشاء، والإنشاء مقابل للخبر وقسيم له وهما مندرجان تحت الكلام الذي هو جنسهما، ولو فرضت أمرا فإن أهل الحق مجمعون على عدم تكفير من لم يمتثل أمر الله من المسلمين كتارك الصلاة مثلا ما لم ينكر وجوبه عليه، كما أنهم متفقون على عدم تكفير مرتكب ما نهى الله عنه صريحا في كتابه من المسلمين كأكل الربا والزنا ما لم يستحله.
الخامس: جهله تفسير الآية فإن الله تبارك وتعالى لما وصف ثواب الأبرار في الآخرة مدح أعمالهم التي كانوا في الدنيا يعملونها فاستوجبوا بها ذلك النعيم بقوله: (يوفون بالنذر)، فهي مستأنفة مسوقة لبيان ما لأجله رزقوا ما ذكر من النعيم مشتملة على نوع تفصيل ما ينبئ عنه اسم الأبرار إجمالا، كأنه قيل: ماذا فعلوا في الدنيا حتى نالوا تلك الرتبة العالية؟، فقيل يوفون بما أوجبوه على أنفسهم فكيف بما أوجبه الله تعالى عليهم، وبهذا تحقق أنه ليس فيها شبه دليل لرأيه لا في منطوقها ولا في مفهومها فضلا عن الدليل.
السادس: لا يلزم من مدحه تعالى للأبرار على وفائهم بما نذروه كفر من لم يوف ينذره أو نذر لمخلوق عند العقلاء.
السابع: الآية وإن دلت على وجوب الوفاء بالنذر مبالغة في وصف الأبرار بأداء
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»