الأفاضل مع التابعي الجليل الحسن البصري الذي قالوا فيه: إنه من أفصح أهل زمانه، ليسوا بشئ = في رأي ابن تيمية وتلميذه = ما دام الاعجاب واحتقار عباد الله ملازمين لهما، وزعمه في الثالث اختصاص الحسب بالله عز وجل باطل بالكتاب والسنة والاستعمال.
إبطال زعمه اختصاص الحسب بالله بالكتاب والسنة والاستعمال أما الكتاب فقد قال تعالى في سورة المائدة: (وإذا قيل لهم تعالوا ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا)، فقد أسند المشركون الحسب لعمل آبائهم الفاسد، فإن قيل هذا حكاه الله عن المشركين وقد ذمهم الله عليه، قلت:
إنما ذمهم الله على تقليدهم آباءهم في عبادة غير الله وإعراضهم عن الإيمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وذم آباءهم على جهلهم وعدم اهتدائهم لطريق الحق، ولم يذمهم على لفظ الحسب فقط، وإذا ثبت في كتاب الله إسناد الحسب لعمل المشركين الخبيث استقلالا فهل يقول عاقل باستحالة إسناده لعمل المؤمنين الطيب اتباعا.
وقال تعالى في سورة التوبة: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم)، قال تعالى في سورة المجادلة: (ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير)، فهل يقول عاقل بجواز إسناد الحسب لجهنم استقلالا، وحظر إسناده للمؤمنين اتباعا؟، وهل يقول عاقل إن إسناده تعالى في هاتين الآيتين ما هو مختص به لجهنم لكرمها عليه، وحظر إسناده لسادة الأمة الإسلامية رضوان الله تعالى عليهم اتباعا لهوانهم عليه، سبحان واهب العقول.
وأما السنة فقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: (ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فأن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) = أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم، وقال صحيح عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه.