إلا أن كانت عادة الناس في زمن الناذر ينذرون للميت ويريدون جهة مخصوصة وعلمها الناذر فينزل نذره عليها إ ه.
ونذر ما لا يهدى للكعبة كالدراهم والثياب والطعام لنبي أو ولي عند المالكية صحيح، فإن قصد الناذر الفقراء الملازمين للمحل أو الخدمة وجب على بعثه إليهم، وإن قصد به نفع الميت تصدق به حيث شاء، وإن لم يكن له قصد حمل على عادة موضع ذلك الولي، ونذر ما يهدي للكعبة بغير لفظ هدي وبدنة كشاة وبقرة وجمل لولي يلزمه ولا يبعثه له بل يذبحه بموضعه ويتصدق به على الفقراء ولا يأكل منه ولا يطعم غنيا، وله إبقاؤه حيا والتصدق عليهم بقدر لحمه ويفعل به ما شاء، وهذا إذا قصد به المساكين بلفظ أو نية، فإن قصد به نفسه وعياله ونحوهم فلا يلزمه، ولا يضر في قصد زيارة ولي استصحاب حيوان ليذبح هناك للتوسعة على أنفسهم وعلى فقراء المحل من غير نذر ولا تعيين إ ه.
النذر للمخلوق عند الحنفية لا يصح والنذر للمخلوق الحنفية لا يصح، ومع هذا لم يقولوا بكفر من نذر له إه، والله سبحانه هو المطلع على كل مكان والعالم بسرائر عباده ونياتهم.
فجعل ابن عبد الوهاب النذر والذبح لغير الله من أنواع العبادة في رسالته الأصول الثلاثة جهل فادح وقوله محتجا على أن النذر لغير الله كفر،: ودليل النذر قوله تعالى:
(يوفون بالنذر) فاسد من سبعة أوجه:
الأول: جهله الدليل فإن الدليل هو المرشد إلى المطلوب ولا إرشاد في هذه الآية لرأيه أصلا لا في منطوقها ولا في مفهوما.
الثاني: يستقيم دليله لو قال الله في كتابه: (النذر لغيري عبادة له ومن عبد غيري فقد كفر)، أو قال: (من نذر لغيري فقد كفر)، ولم يقل الله هذا في كتابه فقد وضع الآية في غير موضعها.