تقسيم الحنابلة النذر إلى ستة أقسام منعقدة دليل على أنه ليس بقربة لذاته ولا عبادة والحديث الذي أشار إليه المالكية = أخرجه الإمام أحمد والبخاري والأربعة عن عائشة رضي الله تعالى عنها = أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله تعالى فلا يعصه)، وهو متناول للإقسام الستة المذكورة في كتب الحنابلة، وينعقد نذر المعصية كشرب خمر عندهم على الأصح، وإن حرم الوفاء به ويكفر من لم يفعله كفارة يمين ويقضي الصوم غير صوم يوم حيض، وهو من مفردات الإمام أحمد رضي الله عنه، ودال على أن النذر في ذاته ليس بقربة ولا عبادة، ولو كان نذر تبرر تقسيمه.
وحده بالمعنى الخاص عند الشافعية: إيجاب العبد على نفسه قربة لم يوجبها الله تعالى، وعند المالكية: التزام مسلم كلف قربة ولو غضبان، والتعريفان متحدان معنى، فحقيقة النذر على التعريفين اللغوي والشرعي: إيجاب الإنسان أو المسلم على نفسه ما لم يوجبه الله تعالى عليه، والفقهاء الحنفية قالوا: من نذر نذرا مطلقا أو معلقا بشرط، وكان من جنسه فرض وهو عبادة مقصودة ووجد الشرط المعلق به لزمه الوفاء بما سمى، كصلاة وصوم وصدقة ووقف واعتكاف واعتاق رقبة وحج ولو ماشيا إ ه.
ولا تخفى دلالة هذا الكلام على كون النذر ليس بقربة لذاته، فتحقق بهذا اتفاق المذاهب الأربعة عليه، وتحققت مباينته للعبادة تمام المباينة بمقتضى تعريف كل منهما لغة وشرعا، فإن العبادة لغة: أقصى نهاية الخضوع والتذلل، ولا يكون ذلك إلا لمن له غاية التعظيم، وشرعا: امتثال أمر الله كما أمر على الوجه المأمور به من أجل أنه أمر مع المبادرة بغاية الحب والخضوع والتعظيم.