تحقيق الكلام على قوله تعالى:
ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى قال الله تبارك وتعالى: (والذين اتخذوا من دونه أولياء) آلهة، تحقيق لحقية ما ذكر قبله من إخلاص الدين الذي هو عبارة عن التوحيد بيان بطلان الشرك الذي هو عبارة عن ترك إخلاصه، والموصول عبارة عن المشركين، ومحله الرفع على الابتداء خبره جملة: (إن الله يحكم بينهم)، والأولياء المعبودون من دونه تعالى:
الملائكة وعيسى وعزير والأصنام وغيرها.
وقوله تعالى حاكيا عنهم: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)، حال بتقدير القول من واو اتخذوا مبينة لكيفية إشراكهم وعدم خلوص دينهم، والاستثناء مفرغ من أعم العلل، وزلفى مصدر مؤكد على غير لفظ المصدر ملاق له في المعنى، أي والذين لم يخلصوا العبادة لله تعالى بل شابوها بعبادة غير قائلين: ما نعبدهم لشئ من الأشياء إلا ليقربونا إلى الله تقريبا: (إن الله يحكم بينهم) وبين خصمائهم الذين هم المخلصون للدين وحذف هذا لدلالة الحال عليه (فيما هم فيه يختلفون) من الدين الذي اختلفوا فيه بالتوحيد والإشراك، وادعى كل فريق صحة دينه: (إن الله لا يهدي)، لا يوفق للاهتداء إلى الحق الذي هو طريق النجاة (من هود كاذب كفار)، راسخ في الكذب مبالغ في الكفر والمراد أن من أصر على الكذب والكفر بقي محروما من الهداية، والمراد بهذا الكذب وصفهم لمعبوداتهم بأنها آلهة مستحقة للعبادة، والعلم الضروري حاصل بأن وصفهم لها بالإلهية كذب محض، وأما الكفر فيحتمل أن يكون المراد منه الكفر الراجع إلى الاعتقاد، وهو هنا كذلك لأن وصفهم لها بالإلهية كذب، واعتقادهم فيها الإلهية جهل وكفر.