وغيرهم واشترى الأسلحة والطيارات وصرف الأموال ولكن على غير جدوى وصادرت له الحكومة المصرية في الظاهر، أسلحة واردة في البحر من طريق مصر عملا بقانون الدول المتحايدة. وبقيت في يده أيضا المدينة المنورة وباقي سواحل الحجاز والحرب قائمة في الكل وجدة والمدينة تحت الحصار وأبوه وهو في العقبة يمده بالمال والرجال ثم نفي أبوه من قبل الانكليز من العقبة إلى جزيرة قبرص على دارعة بريطانية مع حرمه وخدمه ولم يحضر لوداعه أحد ممن كان يظهر له الصداقة غير ولده الأمير عبد الله ولما طال الحصار على الملك علي اضطر إلى صلح الوهابية فتم ذلك بتوسط قنصل الانكليز في جدة فخرج من جدة على دارعة أو باخرة بريطانية ودخلها الوهابية سنة 1344 واستولوا على مراكب أبيه البحرية وذهب هو إلى العراق فأقام عند أخيه الملك فيصل. ودامت الحرب ما يزيد عن سنة كاملة وأصبح ابن سعود سلطان نجد وملك الحجاز واستولى الوهابيون على المدينة المنورة والحجاز كله ودخلت جميع أعراب الحجاز تحت طاعتهم.
وكان السلطان ابن سعود يعلن وهو يحارب الملك عليا إنه ما جاء إلى الحجاز إلا لينقذه من ظلم الأشراف ولا يريد تملكه وإنما يجعل مصيره راجعا إلى رأي عموم المسلمين فكانت هذه الأقوال جارية على عادات المتغلبين في دهائهم وسياساتهم لم يف منها بشئ. نعم عقد مؤتمرا بمكة دعا إليه الحكومات وأهل البلاد الإسلامية لإرسال مندوبين عنها فحضره طائفة منهم وامتنع آخرون وأرجعت الدولة الإيرانية مندوبها بعدما عينته لما بلغها ما فعل بأئمة البقيع واجتمع المؤتمر ولم يسفر عن نتيجة وبث السلطان ابن سعود الأمن في الحجاز وعاد الحج وأرسلت الحكومة المصرية عسكرها المعتاد مع أمير الحاج المصري وفي منى استاء الوهابيون من فعل العسكر المصري بعض ما يراه الوهابيون محرما فرشقوا العسكر بالحجارة فقابلهم العسكر برمي البنادق والمدفع فقتلوا جماعة من الوهابيين وقابلهم الوهابيون بالمثل فجرح جماعة من العسكر بينهم بعض الضباط وقتل بعضهم فأرسل السلطان ابن سعود ولده لإخماد الفتنة فلم يستطع فحضر هو بنفسه وأخمدها. وتفنن عماله في الاستفادة من أموال الحجاج فدخل عليه بذلك أموال عظيمة تعد بالملايين من الليرات (1).